{ناسا تودع} أوبورتونيتي: 15 عاماً من الإنجازات

علوم وتكنلوجيا 2019/02/18
...

واشنطن/ أ ف ب
 
 
أعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) رسميا خروج روبوت "أوبورتونيتي" عن الخدمة وهو كان يسبر أغوار المريخ منذ العام 2004 وقد أكد وجود المياه على سطحه في الماضي الغابر، معلنة نهاية واحدة من أبرز المهمات في تاريخ استكشاف الفضاء.ومن مركز التحكّم بالمركبات الفضائية "جيت بروبالشن لابوراتوري" في باسادينا (كاليفورنيا)، صرّح المسؤول العلمي في ناسا توماس زوربوتشن خلال مؤتمر صحافي "أعلن انتهاء مهمة أوبورتونيتي".
 
الوداع دائماً صعب
وقال رئيس البرنامج جون كالاس "الوداع دائما صعب حتّى لو أنها مجرّد آلة". وقد فُقد الاتصال بالمركبة في العاشر من حزيران 2018 وقت اجتاحت عاصفة من الغبار الكوكب الأحمر، حاجبة نور الشمس عنه لأشهر، ما حال دون شحن البطاريات بواسطة الألواح الشمسية. وبعد ثمانية أشهر وأكثر من ألف رسالة موجّهة من الأرض بقيت من دون ردّ، قرّرت ناسا أن تقوم بمحاولة أخيرة لإعادة الاتصال مساء "لكننا لم نتلق أيّ ردّ في المقابل، فحان وقت الوداع"، بحسب جون كالاس. وعلى مرّ الأشهر، بدأ العلماء والمهندسون المشاركون في هذا المشروع يتحضّرون لطيّ الصفحة. وقال فرنك هارتمان الذي تحكّم بالمركبة لمدّة سبع سنوات في تصريحات صحفية "هل من نهاية أمجد من تلك التي طُمر فيها أوبورتونيتي في عاصفة غبار اجتاحت الكوكب برمّته؟".
 
سلسلة من النجاحات
وقال مدير ناسا جيم برايدنشتاين "هو احتفاء بسلسلة متعددة من النجاحات".وغرّد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما "لا تحزنوا لأنَّ المهمة انتهت بل افرحوا بكلّ ما تعلّمناه منها"، مقدّما التهاني لطاقم ناسا برمّته "على مهمة فاقت كلّ التوقعات وشكّلت مصدر إلهام لجيل جديد من الأميركيين وحافزا لنا كي نستمرّ في الاستثمار في العلم الذي يوسّع آفاق المعرفة البشرية". حصيلة هذا الروبوت هائلة في مجال استكشاف الفضاء، فهو قد قطع 45,16 كيلومترا، أي أكثر من المركبة السوفياتية "لونوخود 2" على القمر في السبعينيات وأكثر من المركبة التي قادها الرواد الأميركيون من مهمة "أبولو 17" على القمر سنة 1972(35 كيلومترا). وأرسل "أوبورتونيتي" أيضا 217594 صورة على الأرض وضعت كلّها في متناول العامة على الإننرنت.
 
الإرث الذي تركه
كانت أبيغيل فريمان، خبيرة مساعدة في المشروع، تلميذة في الثانوية عندما حط الروبوت فوق سطح المريخ، وحضرت مراقبة هبوطه مع العلماء بعدما فازت في مسابقة بين تلاميذ المدارس.تقول إبيغيل: "المئات أو الآلاف من التلاميذ مثلي شاهدوا هبوط الروبوت وتابعوا مهمته من خلال الصور التي كانت تنشر خلال 15 عاما الماضية، ولذلك قرروا دراسة العلوم والرياضيات".ومن الناحية الهندسية تقول جنيفر تروسبر إن الروبوت بين إمكانية بناء آلات أكبر وأقوى لاستكشاف المريخ. فالأجهزة السابقة، بما فيها المتحركة، قدراتها محدودة.
أوقف المشروع العمل مع الروبوت الذي فقد على المريخ فحسب. فقد حط روبوت آخر اسمه كوريوسيتي عام 2012 على المريخ أيضا وهو مجهز ببطارية من البلوتينيوم سمحت له بالخروج من الظلام والزوابع الأخيرة على الكوكب بسهولة.وتجهز ناسا روبوتا آخر شبيه لكوريوسيتي يتوقع إرساله إلى المريخ في عام 2021. وسينضم إليه روبوت آخر في وقت لاحق من الشهر، ولكنه سيحط بمنطقة مختلفة. وأرسلت وكالة الفضاء الأمريكية جهازا آخر ثابتا يسمى إينسايت حط على المريخ في تشرين الثاني من العام الماضي.
 
روبوت واحد قيد الخدمة وسبق لروبوتات أن هبطت على المريخ قبله، لكن في مواقع مسطّحة وهي لم تكن قادرة على التنقّل لاستكشاف الصخور والجبال الظاهرة عن بعد.
وقالت جنيفر تروسبر المهندسة المشاركة في مشروع "مارس 2020" خلف "أوبورتونيتي"، "كنا عالقين وهو فتح لنا الطريق". وقالت إيمبي لاكداوالا الخبيرة في الاستكشاف الفضائي "بات المريخ في نظر عامة الجمهور كوكبا كلّه دينامية من الممكن استكشافه كلّ يوم".
وكان "أوبورتونيتي" قد هبط في سهل شاسع على المريخ حيث أمضى نصف المهمة، قاطعا كيلومترات طويلة حتّى أنه بقي عالقا لأسابيع في كثيب رملي، ما سمح له وقتها بتأكيد وجود مياه على الكوكب في الماضي الغابر. أما في المدّة المتبقية من المهمة، فهو سار في محيط فوهة إنديفور، ملتقطا صورا لمشاهد خلّابة وجامعا أدلة إضافية على وجود المياه. وكان روبوت "سبيريت" التوأم قد حطّ قبله على المريخ بثلاثة أسابيع وانتهت صلاحيته في العام 2010. وكان من المفترض أن تخدم المركبتان لمدّة تسعين يوما لا غير، لكنّهما تخطيتا توقعات المصممين بأشواط. وتبقى حاليا مركبة واحدة قيد الخدمة على المريح هي الأميركية "كوريوسيتي" التي حطّت رحالها في العام 2012 وهي لا تعوّل على الطاقة الشمسية بل تعمل بواسطة مفاعل نووي صغير. وسينضمّ إليها في العام 2021 روبوت "روزاليند فرانكلين" في إطار المهمة الأوروبية الروسية "إكزومارس".