بشير خزعل
بــســبــب الــروتــين والـــبـــيـــروقـــراطـــيـــة الــعــالــيــة الــتــي ألقت بظلالها فـي الـتـعـامـل مـع آلـيـات بـنـاء المـشـاريـع، وسياسة الوزارات المعنية كالمـالـيـة والتخطيط، ووزارات اخـــرى قـــادت سـيـاسـات غير نـاجـحـة لـلـنـهـوض بـقـطـاع الـخـدمـات في جميع المـجـالات على مدى السنوات الماضية، تردى الواقع الخدمي في اغلب المدن العراقية بنسبة كبيرة، ولتلافي الانحدار الى حد الفشل التام في واقع البنى التحتية للدولة، وأهمها الكهرباء التي ترتكز عليها باقي مشاريع الخدمات الاخرى، قام مجلس النواب بطرح قانون مـجـلـس الإعــمــار لــلــقــراءة الـثـانـيـة خـــلال الــجــلــســات المــقــبــلــة، بــعــد أن أجـــرت عـلـيـه الـحـكـومـة بعض الـتـعـديـلات، وينوي المجلس مناقشتها للشروع بتنفيذه مــن أجـــل الـنـهـوض بـالـقـطـاع الـعـام والـخـدمـي والـزراعـي، إضــافــة الــى تـوفـيـر فــرص الـعـمـل، القانون بصيغته المطروحة سـيـجـمـع بــين قــانــون الاسـتـثـمـار والــقــوانــين الاقــتــصــاديــة الأخـــرى، وسـيـفـعل المشاريع ذات المــــردود المــالــي لــدعــم المــوازنــة الوطنية حسب ما أعلن على لسان احد اعضاء لجنة الخدمات النيابية، بعد احداث عام 2003 وما تبعتها من تغييرات في جميع مفاصل ادارة الدولة العراقية، خاضت الوزارات والمحافظات تجربة جديدة في العمل التخطيطي، اطلق عليها رسمياً خطة تنمية الاقاليم، كان الهدف الاساس لها النهوض بالواقع الخدمي والعمراني للمحافظات والأقاليم، وتضمنت الخطة تخصيص ميزانيات للإدارات المحلية ضمن الموازنات السنوية للدولة لمساعدتها على القيام بالمهام الموكلة اليها ضمن الخطة المذكورة، لكن بعد سنوات من عمر الخطة برزت مشكلات كبيرة ومختلفة، أولها تذمر أغلب المحافظات من قلة التخصيصات المالية المقدمة من الحكومة المركزية، ووصولا الى فشل الكثير من ادارات المحافظات في ادارة وصرف هذه التخصيصات التي ادعت مسبقاً أنها قليلة وغير كافية لإنجاز مشاريعها، وانعكس هذا التردي في الواقع الخدمي والاجتماعي في جميع المدن العراقية التي عانت الامرين من سوء ادارة مؤسسات الدولة، وخضع تعطيل انجاز المشاريع التنموية التي تخص حياة الناس الى متناقضات ومساومات بعيدة عن الاسباب الحقيقة، التي يمكن تذليلها بارادة الدولة، ولو اردنا تحديد الاسباب الحقيقة الكامنة وراء عدم تحقيق انجاز كامل لمشاريع الخطط التنموية بشكل علمي، بعيدا عن تلك التناقضات والاختلافات السياسية، سنرى أن عملية التخطيط للمشاريع بمختلف مسمياتها خدمية كانت ام تنموية تحتاج الى أن تكون الخطط الموضوعة واقعية وقابلة للتنفيذ ومتناسبة مع القدرات المتوفرة والامكانات المتاحة لدى كلا من الجهات المستفيدة والجهات المنفذة للمشاريع، مع الالتزام بالتوقيتات والمواصفات المحددة، ولتلافي التجارب الفاشلة مع الشركات المحلية والاجنبية التي خلفت خرابا، بسبب عدم خبرتها ورصانتها، على الدولة العراقية ان تعيد حساباتها بشكل سريع في توجيه عملية الاعمار والتخطيط لمشاريع تدعم البنى التحيتة وتخدم التنمية حاضرا ومستقبلا،من دون التركيز على تنفيذ المشاريع الخدمية النمطية الوقتية او الترقيعة، التي لم تجد نفعا، بل اتت بضرر بالغ استنزفت الاموال وفاقمت الفساد ووسعت من حجم تهالك ما تبقى من بنى تحتية آيلة للسقوط، ولعل الاستعانة بشركات اجنبية عملاقة ورصينة في التخطيط والتنفيذ افضل السبل لنجاح قانون الاعمار، اذا ما أريد له ان يحقق الغاية المرجوة في اعادة اعمار البنى التحتية في جميع المدن
العراقية.