مقارعة العدو الخطأ في افريقيا

آراء 2021/06/23
...

  جون كلامب
  ترجمة : أنيس الصفار
 
في الغرب كان الناس منذ سنوات عديدة يشيعون الانطباع بأن {الجهاد} ينتشر مثل الوباء في المغرب وافريقيا جنوب الصحراء الكبرى، واكتشف معدّو التقارير الخبرية في لندن ونيويورك أن مجرد إضافة أحرف توحي بكلمة {إسلام} في أية قصة خبرية تمنحها تلقفاً فورياً وسعة انتشار.
تحذيرات محللي البنتاغون مما يسمى {مخاطر إشاعة التطرف} في افريقيا، تلك القارة الأدنى تطوراً وتقدماً، لها اصداؤها الواسعة في اوروبا. رغم هذا فإن المعركة الدائرة في افريقيا ضد {متمردين} شاء قدرهم ان يكونوا مسلمين معركة خاطئة، لأن هؤلاء ليسوا سوى ثائرين منتفضين على أنظمة تسببت بتخلفهم.
ترى ما الذي يجعل كل هؤلاء الشبان ينضمون الى حركة {بوكو حرام} أو الى ما يسمى {تنظيم الدولة الإسلامية في إقليم غرب إفريقيا} أو الى {تنظيم القاعدة في بلاد المغرب}؟.
في الصومال نستشف الجواب من اسم الجماعة الاسلامية المتشددة هناك، وهو "تنظيم الشباب"، ومنه نستمد الإشارة والدليل. فالشيء الذي ينبغي الانتباه اليه جيداً في افريقيا هو التركيبة الديموغرافية للسكان التي تتوسع فيها بسرعة شريحة الشباب ويشيع انعدام المساواة على اوسع نطاق. التهديدات المستقبلية الحقيقية مكمنها الفساد المنظوماتي والنهب الجشع للموارد الذي تصطبغ به معظم انحاء افريقيا.
في محافظة {كابو دلغادو} بموزامبيق تلقى اللائمة في الهجمات التي تتعرض لها البلدات الساحلية على فرع {عصابات داعش} هناك، بيد أن تلك الجماعة، التي يطلق عليها السكان المحليون اسم {تنظيم الشباب}، انما تتصرف بالتجاوب مع دعوات الأئمة المحليين الذين ينادون بأن الشريعة الاسلامية وحدها هي الكفيلة بتوزيع اكثر عدالة لثروات المنطقة من الغاز الطبيعي. أما الوعود بالرخاء الذي ينساب شيئاً فشيئاً كمحصلة لارتفاع مستويات المعيشة في المجتمع بشكل عام فهي ليست اكثر من خطاب أجوف في نظر الاهالي المحليين الذين يعيشون اوضاع فقر مدقع في مناطقهم النائية، بينما يجني الموظفون الحكوميون في العاصمة الملايين.
ما لم تبذل محاولات جادة خلال العقد المقبل لمواجهة المشكلات الأساسية ستكون هناك موجات هجرة من افريقيا الى اوروبا يفاقم حدتها الانحسار قصير الأمد في انتشار جائحة {كوفيد- 19} والخراب الناجم عن التغيرات المناخية على المديين المتوسط والبعيد. يفيد تقرير حديث نشره مؤخراً مركز مراقبة الهجرة الداخلية بأن رقماً قياسيا، هو 55 مليون انسان، باتوا اليوم مهجرين داخل اوطانهم على مستوى العالم. هناك 40,5 مليون انسان اجتثوا من مناطقهم في العام 2020 بينهم اكثر من 30 مليوناً فروا بسبب كوارث طبيعية مثل الفيضانات والجفاف. ترى كم هو عدد الذين يعتزمون الفرار الآن من وجه الفقر الذي تسببت به جائحة {كوفيد- 19}؟، ما حدث في مدينة سبتة المغربية مؤخراً يعطي إشارة مقلقة.
الأكاديميون الجادون، على خلاف مبتدئي وكالة المخابرات المركزية، لا لبس لديهم بشأن الاسباب الجذرية الكامنة وراء معظم العنف الذي تشهده افريقيا. تعتقد البروفيسور "كاتريونا داود" من جامعة دبلن أن الأبحاث التي تتناول الصراعات كثيراً ما تسلط التركيز على خصوصية العنف الاسلامي، في حين ان هذه الصراعات يمكن فهمها على أنها شكل من أشكال الإقصاء السياسي والعنف المنبثق من رفض المظالم، مقارنة بباقي أشكال العنف السياسي.
يتفق معها في هذا الاكاديمي النرويجي "شتايغ هانسين". يقول هانسين ان تنظيم الشباب في الصومال يقدم للناس عدالة وظيفية فعالة، لا مثل تلك التي تقدمها الحكومة المعترف بها رسمياً. فايديولوجيا قيادة التنظيم وآلياتها الفعالة في حل المشكلات جعلتها العنصر الموحد الأقوى في جنوب الصومال، على حد تعبير هانسين.
الفساد وضياع الإنصاف والمساواة التي تحرك هذه الديناميكية تفتح لها الطريق وتستغلها المصارف الغربية والفساد وشركات التعدين وجامعو التحف. حالة الوضع الراهن بالنسبة للثلة المذكورة هي عين المطلوب. يجب علينا أن نغير هذا الحال من أساسه قبل أن ينقلب الى فاجعة تأتي على كل شيء.
 
/عن موقع {كاونتر بانتش}