نحو عقلنة سؤال السيادة وأجوبته

آراء 2021/06/23
...

   ا.د. عامر حسن فياض 
                                                                 
إن اطروحة السيادة بقضها وقضيضها، بأسئلتها واجوبتها هي اطروحة انقسامية الفهم والتفسير بين من يقدسها ومن يشيطنها، وكي تكون السيادة اطروحة او مشروعا او مبادرة معقلنة ينبغي أن تفهم فهماً موضوعياً لا ذاتياً و تاريخيا لا عابرا ونسبيا لا مطلقا وهادئا لا منفعلا وصابرا لا مستعجلا. 
إن اطروحة السيادة تشير الى أن المشروع السيادي المعقلن هو منظومة مشروع تاريخي حي ومتحرك ومن الخطأ أن تتوقف اجراءات العمل لانجازه والتنظير له عند التفسير البوداني المنظر والمؤسس له والمتمسك به كسلطة مطلقة على البلاد والعباد وكذلك من الخطأ أن تتوقف تلك المنظومة عند التفسير الغربي الرأسمالي العولمي المتوحش الداعي الى التفريط بالسيادة، فالملاحظ أن التفسير التقليدي للسيادة ينتهي بالسلطة الى التفرد والتسلط والتحكم بحقوق وحريات المواطن بحجة حفظ حرية واستقلال الوطن، ويقابله التفسير الرأسمالي المتوحش في زمن العولمة التي تعمل بهدف تقزيم الاوطان وبتبعيتها لهيمنة وتغول سلطة قانون القوة على حساب قوة 
القانون. 
والسيادة بعيدا عن المثالية وقريبا من الواقعية هي سلطة ارادة حرة مقتدرة ومستقلة لا يمكن فرضها والتعسف بها في الداخل الوطني ولا يمكن تجاهلها او تجاوزها بالانصياع لارادة الاجنبي. 
ان عقلنة المشروع السيادي تحتاج الى مغادرة سوء الفهم وتصحيح تعامل العقل السياسي المشرقي غير المركب وغير التفاعلي مع السيادة، وسوء الفهم متولد عن الخطأ الدارج في تفكير هذا العقل الذي انشغل بالاستقلال واهمل الديمقراطية وهذا سوء فهم للسيادة ويقابله سوء فهم آخر لعقل سياسي منشغل بالديمقراطية ويهمل الاستقلال، بينما العقل السياسي السليم هو الذي يجعل من المفهومين (الاستقلال والديمقراطية) متلازمين وبهذا التلازم ستكون السيادة اطروحة معقلنة تغادر الانقسامية وتبتعد عن القداسة وعن الوصف الشيطاني العولمي المعاصر لها لأن الاطروحة المعقلنة للسيادة ستجعل منها مشروعا غير يابس وصلب على الطريقة البودانية من جهة، ومشروعا غير سائل كما تريده رغبات واطماع عصابات العولمة الغربية غير البريئة من جهة اخرى.  
وهكذا ينبغي أن يدرك العقل السياسي العراقي اسئلة و اجوبة السيادة، بوصفها مبادرة عاقلة ومعقولة يتلازم فيها الاستقلال مع الديمقراطية، لأن الاستقلال بلا ديمقراطية يجعل من السيادة ناشفة وان الديمقراطية بلا استقلال تجعل من السيادة سائلة وسائبة 
ومستباحة.