قمة بغداد الثلاثية.. أبعاد سياسيَّة واقتصاديَّة كبيرة

آراء 2021/06/27
...

 د . صادق كاظم 
 
يوما بعد آخر تؤكد بغداد تعافيها من جراحات الارهاب والازمات وقدرتها على استعادة دورها الاقليمي والسياسي المهم في المنطقة، من خلال العديد من المبادرات السياسية التي تحرص على احتضانها وانضاجها لجمع دول المنطقة العربية في تجمعات سياسية واقتصادية، هدفها الرئيس هو ترسيخ التعاون بين دول المنطقة وتوظيف امكاناتها لخدمة شعوبها بشكل يسهم في نهوضها وتقدمها، وهذا ما تريده بغداد بالضبط من احتضان القمة الثلاثية التي تجمعها، اضافة لها بكل من القاهرة وعمان.
هذا التجمع الثلاثي الجديد سينقل رسالة مهمة بأن دول المنطقة بامكانها استغلال مواردها وامكاناتها وعلاقاتها السياسية للتعاون في ما بينها وتعزيز امنها السياسي وتنسيق مواقفها بشكل يخدم دول المنطقة ويعمل على حل الملفات والازمات العالقة فيها. مشروع الشرق الجديد الذي تطلقه العاصمة العراقية بغداد له دلالات كثيرة, حيث انه يقوم على اساس التعاون الاقتصادي بالدرجة الاساس من خلال اعتماده على الثروات النفطية الكبيرة التي يملكها العراق والموارد البشرية الضخمة الموجودة لدى مصر والموقع الجغرافي المميز الذي تمتاز به الاردن, حيث تخطط العواصم الثلاثة لاقامة مشاريع ستراتيجية ضخمة تجمعها والتي منها مشاريع الربط الكهربائي الذي يحتاج اليه العراق وكذلك العمل على اقامة خط البصرة – العقبة لنقل النفط والبضائع الى مصر عبر الاراضي الاردنية, اضافة الى اقامة مشاريع استثمارية في قطاعات الصناعة والزراعة والاسكان وبشكل متبادل بين البلدان الثلاث تسهم في انعاش الاقتصاد ورفع مستوى النمو لها, فضلا عن توظيف نسبة كبيرة من الايدي العاملة.
هذا التعاون يمكن ان يؤسس ايضا لتعاون امني وخصوصا في مجال مكافحة الارهاب, خصوصا وان الاجهزة الامنية في البلدان الثلاثة تملك خبرات وامكانات امنية وقتالية ضخمة في مواجهة العصابات الارهابية بالذات في كل من العراق ومصر, حيث يواجه البلدان اعمالا ونشاطات ارهابية لعصابات داعش الارهابية، وهو ما يتطلب اقامة تعاون امني في ما يخص تبادل الخبرات والتدريب على اساليب القتال ,بالاضافة الى حاجة العراق الى التعاون الاستخباري مع الاردن ايضا من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية، ووسائل المراقبة لحماية الاراضي العراقية من العناصر الاجرامية المتسللة, اضافة الى التعاون الفني والقتالي في هذا المجال ايضا.
الملفات التي تحملها القمة الثلاثية ستكون بادرة تشجيع لباقي دول المنطقة للانضمام الى هذا التجمع الاقتصادي والسياسي المهم، لاقامة تكامل سياسي واقتصادي مهم يجمعها يكون ايضا عامل قوة وازدهار لها, اضافة الى ان هذا التجمع المهم من الممكن ان يسهم في حل العديد من الملفات العربية العالقة, خصوصا في سوريا واليمن وليبيا, حيث تتطلع الشعوب في البلدان الثلاثة الى حلول ومواقف عربية يمكن ان تعمل على ايقاف النزاعات والحروب المستمرة فيها منذ اكثر من عشر سنوات .
عقد هذه القمة الثلاثية في العاصمة العراقية بغداد واستضاقة زعماء مصر والاردن فيها، يؤكد من دون شك استقرار الموقف الامني والسياسي وتطلع بغداد لاطلاق المزيد من المبادرات الايجابية في العديد من المجالات، التي تؤكد عودتها من جديد كعاصمة لها ثقلها المحوري والاساسي والايجابي البارز في المنطقة، وتوظيف علاقاتها الايجابية مع مختلف الدول لاقامة تحالفات وتجمعات سياسية واقتصادية تنصب لخدمة دول المنطقة وشعوبها بشكل يعمل على ترسيخ الامن والسلام والاستقرار فيها.