بغداد بين الشام الجديد والمشرق الوليد

آراء 2021/06/27
...

 حسين رشيد
 
خلال زيارته الى الولايات المتحدة الاميركية ذكر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في تصريح لصحيفة «واشنطن بوست» إنه يعتزم الدخول في مشروع ستراتيجي يحمل اسم الشام الجديد، موضحا أنه مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات وكل المستجدات.
وهنا تتنوع التحديات التي في مقدمتها الاقتصادية، وصراع الاستحواذ على النفوذ الاقليمي، وبسط القدم في مسرح الاحداث، وصراعات الكبار ان كانت الدول بانظمته السياسية، او الشركات عابرة الحدود بفروعها الاقليمية، شركات النفط والطاقة، شركات الاتصال والتواصل المعلوماتي، الشركات المالية وتقديم العروض البنكية والمصرفية، وشركات الخدمات الاخرى التي تتنوع حسب معطيات كل مرحلة ومتغيراتها المختلفة وحاجة كل بلد.
اعترض الكثير حول تسمية الكاظمي الشام الجديد، وهذا الاعتراض يكمن في مواقف خاصة من حكومة الكاظمي، فالشام الجديد، ليس بالضرورة ان يكون وفق اي تصور، بقدر ما يكون شاما اخر مختلفا عن الشام الحالي، ومحيطه الواقع تحت الضغوطات الاقتصادية والصراعات، رغم ما يتمع به الشام من موقع ستراتيجي في حركة اقتصاد العالم، وثروات جمة لا تحتاج الا لجهد ليس بالكبير، وحكومات قادرة على اتخاذ القرار الوطني، ليكون شاما مغايرا لما هو عليه، ما ينعكس على محيطه وخصوصا العربي.
في سياقات إنعقاد القمة الثلاثية، التي ستكون مفتوحة الأبواب للبلدان المحيطة بدول القمة، لتكوين اتحاد جديد، قد يكون على غرار الاتحاد الأوربي، والذي كانت بدايته عودة العراق الى محيطه العربي بشكل فعلي، وليس شكليا كما حصل في انعقاد القمة العربية الثالثة والعشرين في بغداد عام 2012. والتي لم تؤت ايا من ثمارها، فالقرار الوطني كان متأرجحا ليس في العراق فحسب بل في بلدان عدة شاركت في القمة حينها، ناهيك عن تأثيرات ما عُرف بالربيع العربي، والصراعات الهوياتية التي نتجت عنه.
قمة بغداد الثلاثية مهمة في رسم خارطة طريق جديدة، لتخليص المنطقة من الازمات والصراعات الحالية والحد منها مستقبلا، ومهمة في تكون محور سياسي اقتصادي مستند الى رؤية مشتركة بالعمل والنهوض، وضرورية في هذا الوقت الشائك انتخابات اميركية اوصلت الرئيس الديمقراطي بايدن الى البيت الابيض، وانتخابات سورية ابقت الاسد رئيسا لسوريا، واخرى ايرانية اعلنت فوز ابراهيم رئيسي الذي يحسب على التيار المحافظ والمتشدد بالرئاسة، بانتظار انتخابات عراقية مبكرة يفترض ان التحضير لها قائم، والملف الاهم المتمثل بالاتفاق النووي مع ايران، والذي يبدو انه دخل في نفق جديد.
ارتفاع اسعار النفط مؤشر اخر يؤخذ بالحسبان، وتزايد الطلب على الغاز يحتم ايجاد مناطق استثمار جديدة مكتشفة، واخر طور الاكتشاف كما حقل عُكاز في محافظة الانبار، كذلك وجود متغيرات سياسية في المنطقة ومنها انسحاب اميركي مفاجئ من افغاستان، وعودة حركة طالبان بشكل سريع وبسط نفوذها ما يعني قطع طريق الحرير، وهذا مؤشر خطر قد يعيد عصابات داعش الارهابية الى حلبة الصراعات، خاصة ان الفترة القربية الماضية، شهدت عودة نشاط ملحوظ لهذه الزمر، التي يفترض انها انتهت بعد قتل قياداتها اسوة 
بطالبان.
موضوع الطاقة سيكون الحاضر الأهم في القمة، والمشرق الجديد الذي يروج له قد يحضر لكن ليس بالملف الرئيسي، القمة ستكون نواة أولى، لما هو أوسع وأكبر واهم مستقبلا، ولاجل المضي في انهاء جملة من الصراعات والاختلافات، التي لن تعد ذات قيمة، في عصر التطور والتقدم اللحظوي، ونواة لمشاريع اقتصادية كبيرة ستنعكس بشكل سريع على المنطقة وتؤسس لمرحلة مغايرة.