قمة بغداد الثلاثيَّة وتحديات المرحلة

آراء 2021/06/27
...

 د. عبد الواحد مشعل
تمر المنطقة العربية بتغيرات وتحديات كبيرة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني أو على صعيد العلاقات العربية الإقليمية والدولية، وتأتي القمة بغداد الثلاثية بين العراق ومصر والأردن في ظروف صعبة ومعقدة، لتضع خارطة طريق لمواجهة تحديات اقتصادية وأمنية وسياسية معقدة، لاسيما بعد أن تغيرت كثير من المفاهيم التي كانت تحكم العلاقات العربية - العربية
وأصبح من الضروري الأخذ بنظر الاعتبار الظروف المستجدة التي باتت تحكم العلاقات بين الدول، وعلى أساس المصالح المشتركة لشعوبها ومصلحتها الوطنية، لاسيما ان المنطقة العربية تشهد صراعات محلية تصاحبها تدخلات دولية وإقليمية متنوعة، حتى أصبح العالم العربي مرتعا لمخابرات إقليمية ودولية متنوعة، وقد كان لاذرع الإرهاب بكل إشكاله اليد الطولى في تلك الصراعات وعلى وفق حسابات دولية متنوعة، فالعراق يواجه تحديات داخلية وخارجية عديدة، وهو يعمل العراق على تخليص نفسه منها، إلا أن ذلك لا يمكن تحقيقه إلا بوجود تحرك عربي يضع كل ذلك في نظر الاعتبار وانفتاح عراقي على محيطه العربي والدولي لرسم سياسة تنموية محلية تنقذ الإنسان من آثار حروب ونزاعات وأزمات استمرت سنوات طويلة، وكذلك مصر تواجه تحديات ضخمة منها على الصعيد الداخلي، وفي مقدمتها التحدي الاقتصادي وعلى الصعيد الخارجي مشكلة سد النهضة، وكذلك الأردن يعاني من مشكلات اقتصادية وتحدٍ خارجي هي صفقة القرن التي يعارضها الأردن، ولعل الموضوع الأكثر اهتماما الى جانب القضايا الأخرى الذي يحظى باهتمام القمة، هو الجانب الاقتصادي الذي يشكل قلقا مشتركا بين الدول الثلاث، وهو ما يتطلب حلا عمليا من خلال عقد اتفاقيات اقتصادية بين الدول الثلاث، تقوم على أساس تبادل الخبرات وبناء ستراتيجية اقتصادية عربية تأخذ بنظر الاعتبار الخصوصية لكل دول منها، وفي اطار آخر فان القمة الثلاثية ستؤسس لمرحلة انفتاح عراقي على محيطه العربي وتقوية الروابط الثقافية ولتاريخية والاقتصادية بين شعوب الدول الثلاث، بما يعزز مكانة المنطقة العربية إقليميا ودوليا، فالصراعات الإقليمية التي تحيط بالمنطقة العربية تشكل تحديا مشتركا لوجودها، ولعل القضية الفلسطينية في مقدمتها، فضلا عن العلاقات مع المحيط الإقليمي. وفي خضم ذلك تأتي القمة في مرحلة استثنائية تعيشها المنطقة بكاملها، فضلا عما تعانيه من التفكك والهوان وتعدد الرؤى حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية سواء ما يتعلق بمنطقة المشرق العربي أو مغربه، وانعكاس ذلك على أوضاع الدول الثلاث، وعلى طبيعة علاقاتها العربية والإقليمية والدولية، فالقمة العربية الثلاثية تسعى جاهدة من اجل رسم مسار عربي ينقذ المنطقة من صراعات محتملة أكثر فتكا وضررا من الصراعات القائمة، لذا سيأخذ الجانب الأمني حيزا مهما من أعمالها الى جانب الحيز الاقتصادي، الذي يعد العمود الفقري لانعقادها، ويمكن اعتبار هذه القمة منعطفا حيويا في العلاقات العراقية العربية ساعية لبلورة موقف عربي معتدل في المنطقة من جهة وبناء أسس تعاون اقتصادي يكون قاعدة لهذه العلاقات، وهذا يأتي من خلال حاجة العراق الملحة الى محيطه العربي أكثر من إي وقت 
مضى.