د. مضاد عجيل
راقبتُ وراقبنا بفرحٍ كبيرٍ ما حدث اليوم في كرنفال معرض النتاجات العلمية في جامعة بغداد، وأذهلني حجم التفاعل والسرور، الذي عبر عنه اساتذة الجامعة الأم وطلبتها وموظفوها، وحتى عناصر حمايتها والأمن، وكل الموجودين في أروقة وباحات الجامعة والمكتبة المركزية، ولم أنسَ دموع الفرح، التي فاضت من عيون اخوتنا وبناتنا في هذا الجو الاحتفالي البهي، الذي يؤشر الى حب الناس للجامعة والدرس، بوصفها الشريان الذي يتدفق منه الدم نحو الحياة والحيوية والايقاع، فلولا الدرس لا قيمة للحياة، ولولا الجامعة لتحولت المجتمعات الى كرات البلياردو الصلبة الصمّاء.
احتفينا مع بعضنا بهذه المناسبة، والوزارة في الضفة الاخرى احتفت باحتفالية يوم العلم العراقي الذي وافق يوم 21/6 بحضور نخبة مميزة من الشخصيات العلمية المؤثرة، التي أثمرت جهودها تميزا واضحا في أفق الوزارة ومداراتها الجامعية المثمرة، وتكللت بتسنم جامعة بغداد المركز الاول على مستوى الجامعات العراقية كافة، بعد دخولها وتقدم تصنيفها
عالميا.
في هذا الجو الاحتفالي البهيج كرَّم وزير التعليم العالي والبحث العلمي الاستاذ الدكتور نبيل كاظم عبد الصاحب رئيس جامعة بغداد الاستاذ الدكتور منير حميد السعدي بشهادة تقديرية، فضلا عن 8 جوائز وشهادات أخرى منحت لاساتذة وباحثي ام الجامعات، عن بحوثهم العلمية المتميزة وعدد من المؤلفات والمراجع، التي أصبحت مصدرا ومرجعا علميا لرصانته ودقة تحليله وفق تصنيفي QS وTIMES البريطانيين، بعد أن شهدت جامعة بغداد زيادةً في عدد البحوث المنشورة بنسبة {62 بالمئة}، فضلا عن زيادة الاستشهادات بنسبة {13 بالمئة}.
إنَّ ما يحدث في العالم من حروب ونزاعات هو نتيجة لصراع الثقافات، اذ تصادمت «ثقافة» مجموعة ما مع «ثقافة} مجموعة اخرى، على الرغم من وجود أسباب اقتصادية وسياسية معقدة لهذه النزاعات، الا أنها في صميمها نزاعات حول الافكار والقيم والمعتقدات، لذلك فإن الجامعة لها دور بالغ الاهمية في الشؤون الانسانية، وهي القادرة على ادارة هذه النزاعات، وتحويلها من صراع ثقافات الى حوار ثقافات من دون المساس بثقافة ما على حساب ثقافة اخرى، من دون النظر الى ان الثقافة X اعلى او ادنى من الثقافة Y، بل النظر الى جميع الثقافات بوصفها مكملة لبعضها الاخر، وفي هذا السياق تأتي إقامة معرض النتاجات العلمية في جامعة بغداد، لزيادة المساحات الخضراء في المجتمع وبين الناس وتخفيف المساحات اليابسة والقاحلة، من خلال بث الابداع والابتكار والمشاريع والبحوث والنتاجات. وهذا ما اشار اليه ايضا اليوم معالي الوزير في كلمته، خلال احتفالية تكريم الفائزين على دور جامعة بغداد في تعزيز السمعة الاكاديمية والمكانة العلمية للعراق، بالتنافس مع الجامعات العالمية العريقة، مثمنا جهود التدريسيين والباحثين والطلبة التي تضافرت جهودهم في هذا الظرف المعقد، لتحقيق أهداف التعليم العالي في العراق، والإصرار على التنافس العالمي والتعاطي مع آليات الجودة، التي تراعي المتطلبات وتستوعب احتياجات المجتمع المتعددة والمتجددة في الوقت نفسه.
فمرحى للتعليم والدرس، ومرحى لكل القائمين عليه والمشتغلين فيه، ابتداءً من القيادات العليا ومرورا بالاستاذ والطالب، وانتهاءً بكل الملاكات الوظيفية والادارية والخدمية الساندة والداعمة للحرم الجامعي.
* عميد كلية الفنون الجميلة