ما بعد الوباء

آراء 2021/06/28
...

 سرور العلي 
 
على الرغم من قسوة الجائحة التي قيدت حياتنا وجعلتنا نعيش الهلع والتباعد مع أقرب الناس لنا، إلا أن ما رسخته من عادات وسط كل تلك المآسي ستبقى نمط حياة نسير عليه بعد عودتنا لمواصلة روتيننا المعتاد، ولعل أهمها هو قدرتنا على التكيف والمرونة مع أحلك الظروف، وتعرفنا على أشياء كنا غافلين عنها، وإتقان مهارات مختلفة ساعدتنا على قضاء وقت ممتع كممارسة الرسم أو الانشغال بحرفة يدوية كالحياكة أو تعلم العزف على البيانو، فضلا عن أنماط أخرى اسهم الحجر المنزلي بظهورها كالتعلم الذاتي لطهي الأطعمة بوصفات متنوعة، واكتساب لغة والإطلاع على تاريخ البلدان وجغرافيتها، كما أن التعلم عن بعد أثبت نجاحه في تجاوز الأزمات، إذ أصبح تقنية متطورة ويرغب كثيرون باستمرارها.
اكتشف معظمنا بعد إغلاق النوادي وصالات الرياضة أننا قادرون على ممارسة التمارين ومختلف الأنشطة في المنزل باستغلال مسافة منه من دون الحاجة إلى معدات باهظة الثمن، والتقليل من الاستهلاك المفرط للمنتجات والبضائع الذي كان يضر بميزانيتنا. 
استمتعنا بقضاء أوقات سعيدة برفقة أحبائنا بعد أن كان العمل يسرق أجمل لحظاتنا بإجراء الأحاديث والنقاشات معهم، وتبادل الطرائف وتذكر قصص الماضي، والتعرف على مشكلات كل فرد بأسرتنا، ومحاولة الوصول إلى حلول بتوطيد العلاقات الأسرية، والقيام بأنشطة جماعية كاللعب، ومساهمة كل فرد من المجتمع بالحد من انتشار الفيروس ومجابهة العدوى، ومبادرة البعض بالأعمال الخيرية وتقديم الدعم لرفع الأضرار.
ان الإرشادات والتحذيرات الوقائية والصحية لعبت دورها في إكسابنا تعليمات ذات أسس سليمة للحفاظ على النظافة، وعلى الأرجح ستتحول مدن كثيرة إلى «مدن ذكية» ذات تكنولوجيا واتصالات فائقة ومتكاملة من الناحية الثقافية والاجتماعية بخلق بيئة آمنة، خاصة أن تلك الوسائل قللت من تباعد المسافات في هذه الأزمة، واستخدام الروبوت في تسهيل مهماتها وجعل التعليم الإلكتروني، والعمل عن بعد للموظفين على رأس تلك 
الميزات.
لذا من الضروري أن نستغل الفرصة لإعادة تشكيل وترتيب كل شيء وفق أنظمة صحيحة تعلمناها من خلال وجودنا داخل الفوضى التي مضت، وأحداث تغيير جوهري بعد كل ما مررنا به من كارثة بشرية أودت بحياة الكثيرين.