مُقارنة (سلبية)

الرياضة 2021/07/03
...

علي حنون
 
بينَ الفينة والأخرى، وإذا أردنا منح رأينا فاصلا زمنيا أكثر رحابة، نقول بين فترة وفترة يتواجد البعض في ساحة حديث المُقارنة بين المُدربين، بين الأجنبي والمحلي، ويقينا أن لكُل منا وجهة نظره وهي بالتأكيد مُحترمة انطلاقا من مقولة (إذا كنت تنشد من الآخرين احترام ما تطلق من رؤى فعليك أن تتعاطى مع أقوالهم وفق هذه الاعتبارات) أي أن تُقابلهم الاحترام مع التحفظ على ما تعتقد انه لا يتناسب مع طروحاتك..نعود للمُقارنة، التي جُلّنا لا يُؤمن بها رؤية تصيب غايتها طالما أن معايير المُفاضلة لا يُمكن الاعتداد بها في بيئة مشحونة بالمُتناقضات.
هناك من يرى أن أفكار وطريقة المدرب الأجنبي التدريبية يُمكن أن تقودنا الى النجاح، طبعا ليس النجاح المُستدام وإنما المرحلي، على اعتبار تحليه بخصال في طليعتها وفق رؤية هذه الثلة المناهج التطويرية، التي يخضع لها والتي تجعل من قدراته الفنية تسلك الطريق الأقصر والمُعبد بمؤهلات التوفيق، بينما تطل ثلة أخرى من النقاد والمُتابعين، من باحة عدم بخس الناس أشيائهم، برؤيتها ان في منظومتنا وجوها تدريبية تمتلك ما يمتلكه المدرب الأجنبي من إمكانات لكن الفرق أن مَن بيدهم القرار يكون تعاملهم مع ملف الأجنبي يختلف جذريا عما يُقدم للمحلي، وبالتالي فان هذا الأمر ينسف أي جسر يقودنا الى ضفة التقييم المنصف.
المُقارنة الايجابية تقع بين كفتين في حال توفرت ذات المُؤهلات وأيضا في نفس ظروف العمل، أي عندما يُؤطر عمل الأجنبي والمحلي، بذات حلقات الدعم والاهتمام وإبعاد التأثيرات الجانبية عن سعي كُل منهما، عندها تكون المقارنة منصفة وموضوعية، وأنا هنا لا أتبنى رؤية بعينها وإنما اعتقد بان الكفاءة موجودة في عينة من المُدربين الأجانب وأيضا تحتضنها إمكانات عينة من المُدربين المحليين لكن بعضنا ينظر، ولأسباب غير منطقية، بعينين الى مدرب دون سواه. علينا، وعندما نخوض في عباب هكذا نقاش، أن نقر استهلالا، انه ليس كل أجنبي يكون مميزا كمدرب وليس كل محلي هو مدرب فقير فنيا، لأنه وبعيدا عن ذلك، نكون طوينا صفحة المقارنة واعتمدنا على الاستيراد كحل امثل لتطوير منتخباتنا..نعي أن الاختيارات قد تُصيب هنا وقد تخيب هناك لكن الأمر وفق هذه الحال لايُمكن ان يخضع لمفهوم تعميم الجودة وقلة الكفاءة فالفردية لا تُمثل القاعدة وبالتالي يكون من الإنصاف بمكان الاحتكام الى وجهة نظر تُفيد بان هذا المدرب الأجنبي ناجح اعتمادا على حضوره وذاك المدرب المحلي وُفق في مهمته من خلال التطور الملموس، الذي حققه في تلك المحطات التدريبية.
نحن غالبا ما نقفز، عندما نتجاذب أطراف الحديث بشأن المُقارنة بين المُدربين، على حقيقة قائمة وهي عدم الالتفات الى واقع منظومة كرة القدم والأجواء المُؤثرة فيها والأدوات، التي يستطيع الجهاز الفني الاعتماد عليها في رسم خطوات لوحته بريشة المُقتدر!..ولنا في رأي المدرب العالمي الكبير ارسن فنكر الدليل والبرهان، إذ يرى أن المدرب يعتمد في نجاحاته على أدواته (اللاعبين) بنسبة 90 %، لأنه ومهما ارتفع مُؤشر فلسفته، لن يبرح مكانه في حال كانت تشكيلته تضم لاعبين غير مُؤهلين بدنيا وفكريا، لاستيعاب الأسلوب الأدائي الجماعي، ذلك انه غاية في الأهمية أن يمتلك المدرب أدوات على درجة عالية من ثقافة الإدراك والتصرف والتي نعني بها طريقة هضم التوجيهات والعمل باحترافية داخل الملعب، بعد أن يكون الكادر التدريبي وضع لهم نقاط الأداء على حروف قدراتهم قبيل المُباريات..وخلاصة الرأي هو أن المُقارنة بين الاسم التدريبي الأجنبي والمحلي في ظل ظروف مُتباينة من الدعم والاهتمام وغياب الأدوات الناجحة، هي أمر غير مُجد ويقودنا غالبا الى التقاطع في وجهات النظر، لاغير.