التدريب البدني وحل تمارين الرياضيات يؤخران ألزهايمر

من القضاء 2019/02/24
...

ترجمة: نادية المختار
  
 
قبل بضع سنوات، اكتشف الباحثون هرمونا يُسمّى آيرسين الذي ينطلق في الدورة الدموية أثناء النشاط البدني. وتشير الدراسات الأولية الى أنّه يلعب دورا رئيسا في استقلاب الطاقة. لكن الأبحاث الأحدث وجدت أنه قد يشجع أيضا نمو الخلايا العصبية في منطقة قرن آمون في الدماغ، وهي منطقة حرجة للتعلّم والذاكرة.
ومن المعروف أن النشاط البدني يحسن الذاكرة، وتشير الدراسات الى أنه قد يقلل أيضا من خطر الاصابة بمرض ألزهايمر. لكن الباحثين لا يفهمون السبب حتى الآن. ويمكن أن تؤثر حلول تمارين الرياضيات، في المؤشرات الحيوية لوظيفة الدماغ بطريقة قد تمنع أو تؤجل بداية الخرف، مثلما تقوم بذلك أداء التمارين الرياضية البدنية، وفقا لما توصلت اليه دراسة حديثة. 
فالتدريب على حل تمارين الرياضيات يُغير تدفّق الدم في الدماغ ويحسّن الأداء الادراكي لدى كبار السن، ولكن ليس بالطريقة التي قد نفكر بها. فقد أوضحت الدراسة أن تلك التمارين ارتبطت بتحسين وظائف المخ في مجموعة من البالغين الذين يعانون من ضعف إدراكي معتدل. فضلا عن انخفاض في تدفق الدم في مناطق الدماغ الرئيسة.
 
تحسن ملحوظ 
يقول الدكتور كارسون سميث، الأستاذ في قسم علم الحركة من جامعة ايلنوي الاميركية: “انخفاض تدفق الدم قد يبدو قليلا عكس ما يفترض حدوثه بعد الذهاب الى برنامج للتمرين الذهني. فبعد 12 أسبوعا من التدريبات الرياضية، وجدنا ان البالغين الذين يعانون من نقصان في تدفق الدم الدماغي قد تحسنوا بشكل ملحوظ في درجاتهم بالاختبارات الادراكية”.
ويوضح سميث، أنه بالنسبة لأولئك الذين يعانون من فقدان الذاكرة الخفية، يكون الدماغ في “وضع الأزمات” وقد يحاول المرء التعويض عن عدم القدرة على العمل على النحو الأمثل عن طريق زيادة تدفق الدم الدماغي. وعلى الرغم من أن تدفق الدم المرتفع عادة ما يعد مفيدا لوظيفة الدماغ، إلّا أنّ هناك أدلة تشير الى أنه قد يكون في الواقع نذيرا لفقدان الادراك المعرفي تدريجيا فضلا عن نقص المزيد من الذاكرة لدى الأشخاص الذين تم تشخيصهم بضعف الادراك عند خضوعهم للاختبارات الادراكية. 
وتشير نتائج الدراسة التي أجراها سميث وفريقه البحثي، أن التمرينات الذهنية الرياضية قد يكون لديها القدرة على الحد من تدفق الدم التعويضي وتحسين الكفاءة المعرفية في المراحل الأولى من مرض الزهايمر. فقد خضعت مجموعة من كبار السن ممن يتمتعون بصحة جيدة ادراكيا، للمراقبة، فضلا عن مجموعة أخرى ممن يعانون من ضعف ادراكي معتدل، الى برنامج تدريب على تمرينات رياضة المشي يتكون من أربع جلسات تستغرق كل منها30 دقيقة من المشي باستخدام جهاز المشي المعتدل أسبوعيا، لكن البرنامج أسفر عن ردود مختلفة من كل مجموعة. 
ومع تمارين رياضة المشي زاد تدريبهم على الاختبارات الادراكية. وخلافا للمجموعة الأخرى التي تمرنت على ممارسة رياضة المشي، فإن المجموعة التي خضعت للتدريب البدني انخفض لديهم تدفق الدم الدماغي. كما زاد تدريبهم على ممارسة التمارين الدماغية من عملية تدفق الدم في القشرة الأمامية في المجموعة الصحية بعد مرور12 أسبوعا. كما تحسن أداءهم في الاختبارات الادراكية بشكل ملحوظ. 
 
فعاليات مختلفة 
وفي هذه الدراسة، تم قياس التغيرات في تدفق الدم الدماغي في مناطق معينة من الدماغ والتي من المعروف أنّها تشارك في التسبب بمرض الزهايمر، بما في ذلك منطقة تطلق عليها تسمية (أنسولو) وهي تقع في قشرة المخ الامامية المشقوقة التي تشارك في وظيفة الادراك والتحكم في الانتقالات الادراكية الذاتية، والوعي الذاتي، والأداء المعرفي. كما أنها تشارك في صنع القرار، الترقب، التوجس، الشعور بالخوف أو الاطمئنان، والتحكم في الانفعالات والعاطفة. فيما تسهم المنطقة الجبسية السفلية من القشرة الحزامية الأمامية اليسرى في وظيفة المشاركة في معالجة اللغة والكلام على وجه التحديد. 
ولوحظ أنّ من بين الذين ثبت لديهم ضعف وتراجع في الاختبارات الادراكية والمعرفية، فإن انخفاض تدفق الدم الدماغي في المنطقة المعزولة اليسرى وفي القشرة الحزامية الأمامية، ترتبط ارتباطًا وثيقا بالأداء المحسّن في اختبار اقتران الكلمات المستخدم لقياس الذاكرة والصحة الادراكية.
ومما تجدر الاشارة اليه، ان المنشور السابق من هذه الدراسة التي قادها الدكتور سميث، على كيفية تأثير تدخل التمارين البدنية وتمارين الرياضيات الادراكية على التغيرات في الشبكات العصبية الدماغية المعروفة بأنّها مرتبطة بفقدان الذاكرة وتراكم طبقة نشوية يطلق عليها تسميةamyloidal   التي هي على حد سواء إحدى علامات التدهور الادراكي والمعرفي، ومرض الزهايمر، فإن النتائج التي توصل اليها الباحثون، توفر دليلا واضحا على أن ممارسة الرياضة البدنية وخصوصا المشي يمكن أن يحسن كثيرا من وظائف المخ لدى الأشخاص الذين لديهم بالفعل انخفاض معرفي. 
ويخلص سميث: “لدينا اهتمام كبير في استهداف الأشخاص الذين يواجهون مخاطر متزايدة لتطوير مرض الزهايمر في وقت مبكر من عملية المرض. ونحن نرى أن هذه الأنواع من التمرينات البدنية والادراكية معا، يمكن أن يؤثروا بشكل ملحوظ وملموس في المؤشرات الحيوية لوظيفة الدماغ بطريقة قد تحمي الناس المعرضين بالخصوص لمرض الزهايمر والتدهور الادراكي وضعف الذهان وقلة التركيز لحالات فقدان الذاكرة، الى منع أو تأجيل بداية الخرف الى أقصى حد ممكن، وهذا هو سعينا الأكبر الذي ننشده”. 
 
عن ساينس ديلي