مؤشر متصاعد في زيادة أعداد الملقحين

ريبورتاج 2021/08/16
...

  صابرين نوري
 
 تصوير: خضير العتابي
كانت وما زالت اللقاحات من أهم وسائل حماية البشر من الامراض المختلفة، وعلى مر التاريخ تمكن الانسان من استحداث لقاحات ضد عدد من الامراض المهددة للحياة، بما فيها التهاب السحايا والحصبة والجدري وشلل الاطفال، وكالعادة جميع اللقاحات عند ظهورها تنطلق هجمة اعلامية ضدها، وهناك مواطنون يشككون بها وشائعات تدور حولها، كذلك الحال مع لقاح كورونا، الذي بالرغم من أنه الطريقة الوحيدة للقضاء على فيروس كورونا، نجد الكثير من الشائعات التي لا أساس لها من الصحة حوله، وبالتأكيد ان لقاح كورونا كباقي اللقاحات التي اثبتت فاعليتها بالسيطرة على الامراض الفتاكة، التي من الممكن ان تؤدي الى وفاة او اعاقة دائمة لمن يصاب بها .
 
يقول عمار عماد (36 عاماً) - طالب ماجستير- «فور دخول اللقاح الى العراق قبل عدة أشهر وبأول وجبة من لقاح «استرازينيكا» تلقيت اللقاح، ولم أهتم الى من يقول ان اللقاح لهُ مضاعفات، او ان مزور او غير مفيد، وباعتبار الدول المتقدمة كافة وصلت الى مراحل متقدمة في تلقيح مواطنيها».
 
شائعات
«تخوفت عند وصول اللقاح الى العراق من التلقيح وذلك لسماعي الاقاويل التي كانت ضد اللقاح»، هذا ما قاله مصطفى عماد (22 عاماً) طالب ويضيف «ان هناك بعض الاطباء نصحوا بعدم تلقي اللقاح بزعمهم أنه يؤدي الى أضرار، رغم أن وزارة الصحة العراقية ومنظمة الصحة العالمية يشجعان على اللقاح، ولكن عند دخول العراق الموجة الثالثة من كورونا، والمستشفيات بدأت تصل الى قدرتها على استيعاب المرضى، وكذلك خطورة الوضع الصحي اضطررنا الى تلقي اللقاح وعدم الاهتمام الى الاقاويل كما في السابق، نظراً لان هنالك العديد من تلقى اللقاح ممن اعرفهم وممن لا أعرفهم لم تحدث لهم آثار جانبية نتيجة تلقي اللقاح»..
ويؤكد دريد (50 عاماً) - أستاذ جامعي- انتظاره وصول اللقاح الى العراق وعند تأخر وصوله أراد السفر الى خارج العراق لتلقي اللقاح، ولكن أثناء القيام بمعاملة السفر وصل اللقاح الى العراق، وبأول وجبة من اللقاح الصيني تلقى اللقاح، ويقول إنه لم تحدث له آثار جانبية ووضعه الصحي جيد.
بينما تقول فاطمة مهدي (37 عاماً) – موظفة – «تلقيت اللقاح الصيني في بداية شهر ايار لاقتناعي بأهمية اللقاح ولأنه الطريق الوحيد الذي يؤدي الى الوقاية من فيروس كورونا وعودة الحياة الى طبيعتها، ولم أهتم للأقاويل والشائعات التي تدور حولهُ».
وبين مصطفى الشمري (30 عاماً)- ضابط- ان سبب تلقيه اللقاح هو لحماية نفسه من فيروس كورونا، وكونه ملقحا حديثاً لا يستطيع معرفة هل اللقاح فعال ام لا؟ لكن هناك ممن يعرفهم تلقى اللقاح وكانت النتيجة عدم أصابة أي منهم بكورونا .
 
عدم الثقة
ان اللقاح ضروري ومهم وأود أن أتلقى اللقاح لكن لا أستطيع، لعدم ثقتي بوزارة الصحة العراقية. إذ إن اللقاح يحتاج الى أن يحفظ في درجة حرارة (70 تحت الصفر)، يتساءل كرار جاسم (25 عاماً) - مروج مبيعات- «هل ا لوزارة الصحة امكانية على حفظ جرعات اللقاح المستورد التي يصل اعدادها الى الملايين بثلاجات خاصة ودرجة حرارة تحت الصفر؟».
كما يتبعه المواطن حاكم صاحب (42 عاماً) بالحديث قائلا: إن اللقاح هو اكتشاف فعال في المجتمع انقذ الكثير من الافراد وقضى على العديد من الامراض، لكننا حالياً نحن نعيش في زمن التجارة، وتدخل السياسة في جميع مجالات الحياة، ويتابع حاكم أن «المؤسسات الصحية» في العراق تفتقد الى البنى التحتية، وآليات الحفاظ على صحة وحياة المواطن والدليل الحوادث الاخيرة التي حدثت في المستشفيات، وهذا دافع مهم يجعلني غير مقتنع وفاقد للثقة في طريقة حفظ واستيراد «اللقاح» بصورة صحيحة. 
يوضح محمد يوسف ( 38 عاماً ) – موظف- ويقول: استبشرنا خيراً عند وصول اللقاح الى العراق، لكن هناك شواهد أمامنا ممن تلقى اللقاح، لكنه أصيب مرة ثانية بكورونا، واللقاح لم يكن له فاعلية لهم مما دفعنا الى عدم تلقي اللقاح.
 
حماية
مسؤولة وحدة التحصين في قطاع الكاظمية للرعاية الصحية الاولية الدكتورة زهراء محمود الجمالي تحدثت لـ(الصباح) وقالت: إن جميع لقاحات كورونا التي تم استخدامها تعطي نسبة حماية عالية من الاصابة بفايروس كورونا، موضحة ان من أسباب اصابة البعض بفيروس كورونا بعد تلقي اللقاح مباشرة هو أنهم مصابون بفيروس كورونا، من دون علمهم ويتلقون اللقاح فلا يكون للقاح أي فاعلية له.
 وتضيف الدكتورة زهراء ان اللقاح بصورة عامة وليس فقط لقاح كورونا من الممكن ان يؤدي الى تأثيرات جانبية بسيطة ومقبولة، التي اذا تم قياسها مع الاصابة بفيروس كورونا فهي لا شيء، وهي تتمثل بالنحول وارتفاع بسيط في درجة الحرارة وألم في مكان الحقن، وبشأن حفظ اللقاح تقول الدكتورة الجمالي تتوافر لدى قسم التحصين في الوزارة الادارة الفاعلة للقاحات وكذلك سلسلة التبريد، مبينة انه يتم اتخاذ الاجراءات الفاعلة للحفاظ على اللقاحات من مصنع انتاج اللقاح، الى حين استلام اللقاح في جلسة التطعيم في المراكز الصحية، وان اللقاح يتم نقله في ناقلات مبردة وخطوط كهرباء 24 ساعة، وهناك مراقبة شديدة على حفظ اللقاح وتفتيش ومتابعة، فطريقة حفظ اللقاح هي آمنة جداً ولا تحتوي على اي خلل. وتضيف الدكتورة زهراء الجمالي ان الشركات المصنعة للفيروس هي شركات رصينة وتهتم بسمعتها، ولديها مسيرة علمية طويلة ومن غير الممكن ان تنتج لقاحا غير جيد، موضحة ان كل دولة في العالم التي سارعت بتلقيح مواطنيها، شهدت انخفاضا في عدد الاصابات والوفيات ودخول المستشفيات، بسبب فيروس كورونا وهذا يؤكد أن لقاحات كورونا هي فاعلة وآمنة، إذ تم اقرارها من منظمة الصحة العالمية. 
وتشير الدكتورة الجمالي مسؤولة وحدة التحصين، الى ان اللقاح الذي يصل الى العراق هو نفسه الذي يصل الى الدول الاخرى، إذ إن العراق هو عضو في منظمة كوفاكس، إضافة الى الكثير من الدول وهذه المنظمة تضمن التوزيع العادل للقاحات.
 
ضعف الثقة
ويوضح عضو الفريق الإعلامي الطبي لوزارة الصحة الدكتور زياد حازم - اختصاص صحة عامة-، أن هناك اسبابا عدة لعدم تلقي اللقاح، وهي ان اللقاحات جديدة ولم يمضِ على صناعتها واختبارها وقت كاف، وكذلك الاستماع للأصوات المضللة، خاصة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، اضافة الى ضعف الثقة بين المواطنين والحكومة ومؤسساتها، ومنها المؤسسات الصحية، كما يوجد هناك مواطنون يشككون الى الان بوجود فيروس كورونا من الأساس، ويبين ان اللقاحات الحالية التي صادقت عليها منظمة الصحة العالمية هي آمنة وسليمة، وقد ترافقها بعض التأثيرات الجانبية الخفيفة، كالحمى والتشنجات والنحول والتي قد تتلاشى خلال 24 الى 48 ساعة، اما عن فاعلية اللقاحات، فهي تتباين حسب منشئها، وهي على العموم تتراوح بين 85 الى 95 %، ويكشف ان عمل اللقاحات يختلف حسب نوعها وهي جميعها آمنة
ومضمونة.
 
وعي
ويبين الدكتور منقذ الجنابي - استشاري امراض تنفسية- أن لثقافة المجتمع دورا كبيرا في تقبل اللقاح وان الدراسات العلمية اثبتت فاعلية اللقاح بمنع او تخفيف شدة الاصابة، وكذلك الحاجة الى دخول المستشفى، ويضيف ان اللقاح لهُ آثار جانبية كأي لقاح آخر، ويكشف عن ان اللقاح يعمل بصورة جيدة بعد أسبوعين من الجرعة الثانية، ويؤكد الدكتور الجنابي أنه لا توجد علاقة بين اللقاح والعقم وكل ما يقال حول ذلك لا أساس له من
الصحة .
اما الدكتور سيف جبار المياح - أستاذ علم الفيروسات- فيبين، أن اللقاحات التي تُصنع ضد الفيروسات المستقرة وراثياً تبقى فعالة مدى الحياة وتعطي مناعة دائمة، اما البعض الاخر من الفيروسات التي تعاني من طفرات وراثية وتغييرات وراثية مستمرة لا تدوم معها اللقاحات طويلاً، انما تعطي مناعة وقتية لحين حصول تغيير وراثي ومظهري جديد، يتطلب ايضاً لقاحاً جديداً، وهذا ما تضطره الكثير من البلدان لعبور أزمة صحية او اجتياز وباء
معين.
 ويُضيف الدكتور المياح ان اللقاحات بطبيعتها بعد التصنيع والتجربة هي آٔمنة جداً، ووجود احتماليات بخصوص ضرر نتيجة التلقيح هو اقل بكثير ويكاد يكون شبه معدوم، مقارنة بالضرر الذي قد يحدثه المرض المراد التحصين ضده، إذ لا بد من أن تخضع جميع اللقاحات إلى اختبارات وتقييمات مشددة للتأكد من أنها آمنة وفاعلة، وكذلك لا بد من حصولها على موافقات رسمية من الجهات والمنظمات والجمعيات الرسمية المختصة والمخولة بملف اللقاحات قبل تسويقها ووصولها إلى الأفراد، ولم تسجل حالات سابقة بان اللقاحات بعد الانتاج والتسويق قد أدت إلى أضرار جماعية، ولا شك أنه من دون هذه اللقاحات سيتم تسجيل عدد كبير من الاصابات والوفيات.
 
وقاية وعلاج
كما وضح استاذ علم الفيروسات أن العديد من الدراسات و الأبحاث بينت أن استحالة الإصابة بمرض ناتجة عن التلقيح، كما أنه لا توجد أية علاقة لا من قريب ولا من بعيد بين التلقيح وبين ظهور أمراض مزمنة، ويؤكد الدكتور سيف المياح الاستمرار بارتداء الكمامات وممارسة التباعد الاجتماعي المناسب بعد الجرعتين الأولى والثانية من اللقاح، كما تقول مراكز السيطرة على الأمراض، إذ أن الجرعة الأولى لن تنتج استجابة مناعية كافية لحمايتك أو حماية الآخرين، ويجب أن توفر الجرعة الثانية حماية بنسبة 95 ٪ تقريباً في غضون أسبوع إلى أسبوعين بعد تلقيها، ومع ذلك تقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إنه حتى بعد التطعيم الكامل، فقد تبقى حاملاً صامتاً للفيروس مما يجعله مصدرا اساسيا للعدوى .