بين الصالح والطالح

الرياضة 2021/08/18
...

رؤية مُشوشة
 
من الاعتقادات غير المنطقية لأغلب الهيئات العامة للأندية الرياضية، هي تسليمها بأن جميع النجوم مُؤهلون لتسنم المواقع المُهمة في مجالس الإدارات، وهذا خطأ جسيم دفعت ثمنه غاليا أغلب أنديتنا في المواسم الأخيرة، ماديا وفنيا، وهي يقينا فكرة ولدت من رحم رؤية ليست واضحة مبنية على (فقاعة) نجومية البعض، وهي حال ليس لنا الاعتداد بها أو الاعتماد عليها في رهن قرار غاية في الأهمية يتعلق بخارطة طريق لفلسفة إدارية. 
معلوم أن الإدارة علم يُركن إلى دراسته لبلوغ المُرتجى من المعرفة، التي تقودنا لرسم معالم رحلة مُغايرة لقيادة ناجحة تُؤتي أكلها نتائج فنية ايجابية وإدارية مُوفقة في أحلك الظروف، لذلك ينبغي أن يُنظر لمن يتصدى للعمل الإداري الأول في النادي، على انه شخصية يجب أن تتحلى بالخصال القيادية، وان يمتلك عزيمة ورؤية واضحة على أحداث تغيير إيجابي، وان تكون لديه خبرة تخصصية ناجعة وليست مُجرد رحلة تواجد في المنصب، كما يُفضل أن يكون مُنتظما في دورات تُعنى بتطوير المهارات الإدارية، إلى جانب العلاقات الواسعة مع رجال الأعمال والشركات وأصحاب القرار لتيسير الأمور، والاهم من ذلك يجب أن يكون قادرا على إيجاد منافذ للتمويل الذاتي، وان يسعى باستمرار للبذل لا أن يُفكر بنيل (المغانم).
وسيرا في هذا السبيل، فانه ووفقا لوقوفنا على مُتغيرات الأمور، صار لدينا يقين أن مُتطلبات منصب رئيس النادي، لا تنطبق على السواد الأعظم من نجومنا، والتجارب الحية تُؤكد أن رجال الاقتصاد والأعمال، الذين يمتلكون رؤى تسويقية واستثمارية، هم من ينجحون في مناصب كهذه، لسبب جوهري هو امتلاكهم القرار وقدرتهم على إيجاد الحلول للأزمات بسرعة ويسر، وطرقهم المُتواصل لأبواب الربح المادي، الذي يرتبط به النجاح الفني.
بلا ريب أن هذا الموضوع لا يعني ركن نجوم الرياضة جانبا، والتخلي عنهم، وإنما علينا الاستعانة بمن يتحلى منهم بالمعرفة الفنية المُستجدة، من خلال الأخذ بمشورتهم لتعضيد الفكر الإداري، بما يُحصنه فنيا، لنكون بالمُحصلة إزاء قرار مُتكامل، وهذه الفلسفة هي الأجدر باعتمادها منهجا وسراجا تهتدي بنوره الإدارة، التي نتمنى جميعا تواجدها، وسوى هذه الجنبة، فان الأمر لن يذهب بنا بعيدا، بل انه سيُدخلنا في نفق مُظلم لا نور في نهايته، ويأخذنا من دون دراية الى حدود هي بعيدة في تفاصيلها عن قدرات من ينشد التصحيح والإصلاح في منظومة قلقة.
وأظن أن إيمان البعض بضرورة تقدم النجوم لركب مجالس إدارات الأندية، غالبا ما يعتمد على إعجابهم بمن أجزل العطاء لاعبا وهم يرى فيهم أهلية لاستنساخ إمكاناتهم الفنية، لإصابة الفلاح في المشوار الإداري أيضا، وهي نظرة تستند الى العاطفة كمعيار أساسي من دون تلمس جادة القرار السليم من خلال المنطق، ما يعني أنهم يرون في الاسم، الذي برز لاعبا قدرة واقعية، في التعاطي الايجابي مع الشأن الإداري، وهذه صورة مُشوشة لا تعكس الواقع بأبعاده.