الاشتباك.. التكتيكي!

الرياضة 2021/08/24
...

علي رياح  
المدربون لدينا يُحسنون - في كل زمان ومكان - الحديث عمّا يسمّونه المناهج التدريبية طويلة الأمد، والأخرى قصيرة الأجل.. ومعظمهم يقول إنه يستطيع أن ينفذ مفردات عمل تكتيكي على مدى سنة كاملة ووفقا لدفتر تراه يتأبطه دوما ولا يكاد يفارقه أينما حلّ!  
مثل هذه الإجادة في الحديث عن المنهجية في التدريب ، تتحول عندنا إلى تبجّح مكشوف بتعابير ومصطلحات لا يفهم بعض مدربينا حتى معانيها أو مدلولاتها الدقيقة في اللغات الأم .. ولو كان مبتكرو تلك التعابير والمصطلحات يتصورون أنه سيأتي اليوم الذي يُساء فيه استخدامها بل والتمويه والتهويم حولها، لما قدموا مبتكراتهم إلى العالم الكروي!  
إننا وببساطة نتساءل عن حقيقة ما يدّعيه المدربون من أنهم يعملون مع فرقهم (على أساس ممنهج)، في ظل هذه المتوالية التي نعيشها الآن وتتعلق بإبدال المدربين بالإقالة أو الاستقالة بينما نحن (نجترّ) الوجوه نفسها بكل مزاياها وعيوبها، لا بل إن الأمر الأدهى هو أن كثيرا من الوجوه التدريبية التي غادرت مواقعها في الأندية التي كانت تشرف عليها وسط خلافات طاحنة على الصعيد الفني أو المالي ، عادت إلى مواقعها وسط التهليل والترحيب والتبشير بمعجزات هي في الواقع لن تتحقق!  
وهكذا فما نراه ونسمعه شيء آخر مختلف عمّا تفعله الأمم المتطورة كرويا.. إذ يجهل بعض مدربينا ما سيعملونه للاعبيهم وما سيعلمونه لفرقهم خلال أسبوع مقبل.. فكيف تكون الحال على مدار الموسم بأسره؟!  
كثير منهم يدّعي أنه يحاضر في لاعبيه ويعدّهم تكتيكيا لمباراة مقبلة، أو يصحح لهم أخطاء مباراة انقضت.. ولكن جرّب مرة واحدة أن تدخل إلى غرفهم لترى العجب العجاب.. فالتكتيك يتحول في حسابات المدربين إلى وعيد للاعبين المقصرين بالويل والثبور وبقطع المخصصات.. بل قد يتطور الأمر ليصل إلى (الاشتباك) بالأيدي تحت مظلة اسمها (التكتيك) الكروي!  
كثير منهم يدّعي أنه سيفعل بعد شهر كذا وكيت، وسينفذ ما لم ينفذه فيرغسون وكابيللو وغوارديولا وانشيلوتي ومورينيو وغيرهم من أباطرة التدريب.. ولكن الصحيح والملموس والواقع شيء آخر مختلف تماما.. فالبعض من مدربينا لا يفهم المهنة إلا على أنها صياح وتفضيل للاعب على آخر، وتملق للنخبة (السوبر) من النجوم إن كان هنالك نجوم حقيقيون – في زماننا هذا - ينطبق عليهم الوصف في أنديتنا بالفعل، ومسح لأكتاف الإعلاميين وربما إيهام بعض الكتّاب (بكم كلمة تكتيك على كم عبارة تكنيك) وينتهي الأمر لدى الإعلامي إلى القناعة ببراعة المدرب وحنكته!  
التواضع مطلوب يا مدربينا!.. التواضع واجب تمليه الوقائع والسِير الذاتية لعدد ليس قليلا منكم، فنحن ندرك كل الإدراك مستوى إمكانياتكم الحقيقية التي غالبا ما تكون قاصرة عن فعل شيء في الملعب خلال 
المباريات!  
فليس كل من يراكم تتأبطون دفاتركم أو أجهزتكم الالكترونية البديلة مثل (التابلت) وهي الموضة المستحدثة للإيهام بمواكبة التطور، يقف مخلوب اللب إزاء منظركم ببذلة التدريب الزاهية.. فلو تمكن أحدنا من التسلل إلى (الدفاتر) إياها، لاكتشف أنها ليست – بلغة أو سِياقات الجيش - سوى وقوعات غيابات اللاعبين عن التدريب.. لا أكثر.. وأيضا لا أقل!