إزالة التجاوزات في القانون العراقي

آراء 2021/08/24
...

   القاضي  كاظم عبد الزيدي 
للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن، وتنظم بقانون الاحكام الخاصة بحفظ املاك الدولة وادارتها وشروط التصرف فيها والحدود التي لا يجوز فيها النزول عن شيء من هذه الاموال، هذا ما نص عليه الدستور العراقي النافذ لعام 2005في المادة (27/ اولا وثانيا) كما ينص قانون العقوبات العراقي والقانون المدني العراقي على ضمانات لحماية اموال الدولة من التجاوز.
 ويعتبر موضوع التجاوز على اموال الدولة من المواضيع المهمة. 
 
حيث شهدت الآونة الاخيرة ازدياد حالات التجاوز على المال العام واصبحت التجاوزات على عقارات واراضي الدولة ظاهرة لا تخلو منها أي مدينة، وقد اصدر المشرع العراقي القرار (154) لسنة 2001 حيث يعد تجاوزا التصرفات الواقعة على العقارات العائدة للدولة والبلديات ضمن حدود التصاميم الاساسية للمدن، من دون الحصول على موافقة اصولية وهي البناء، سواء أكان موافقا ام مخالفا للتصاميم الاساسية لمدن واستغلال المشيدات واستغلال الاراضي. ويزال بعد تاريخ نفاذ هذا القرار كل تجاوز مشمول بأحكام القانون وتتحمل الوزارة او الجهة غير المرتبطة بوزارة مسؤولية وقوع أي تجاوز وعدم ازالته ويشكل بقرار من الوزير المختص او رئيس الجهة غير مرتبطة بوزارة لجنة مركزية تتولى مراقبة التجاوزات على العقارات العائدة لها، او التي تحت ادارتها او اشرافها او حيازتها ورفع تقارير دورية بشأنها الى الوزير المختص او رئيس الجهة غير مرتبطة بوزارة ولجان فرعية في المحافظات حسب الحاجة تتولى منع وقوع التجاوز وازالته فور وقوعه على نفقة المتجاوز وتستحصل التكاليف من المتجاوز صفقة واحدة، وتشكل لجان لرفع التجاوزات في الاقضية والنواحي كما تتولى اللجان ازالة التجاوز وتقدير اجر المثل عن مدة التجاوز وقيمة الاضرار الناجمة عنه والزام المتجاوز بتسديد نفقات ازالة التجاوز وضعف اجر المثل خلال مدة لا تتجاوز عشرة ايام من تاريخ تبلغه بذلك.
 ونص المشرع العراقي على عقوبة التجاوز حيث يعاقب المتجاوز بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات لمن خالف احكام المادة (1) من هذا القرار والحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة او السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات من خالف احكام الفقرة (2) من القرار، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث اشهر ولا تزيد على ستة اشهر كل من خالف احكام الفقرة (3) من احكام هذا القرار، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من ثبت تقصيره او اهماله في اداء واجباته المتعلقة بمنع التجاوز وازالتها، وفق احكام هذا القرار من رؤساء واعضاء اللجان المشكلة بموجب احكامه والمدير العام للدائرة المعنية بالعقارات والمدير المباشر والموظف المختص، وتحرك وفق احكام قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971الدعوى الجزائية بطلب من الجهة المالكة او التي تقع العقارات المتجاوز عليها تحت ادارتها او اشرافها او حيازتها، ولا يعمل باي نص يتعارض مع احكام هذا القرار، الا أن المشرع العراقي اصدر الكثير من القرارات المتناقضة، فتارة يجرم فعل المتجاوز وتارة اخرى يميزه عن الاخرين بمنح المتجاوز قطعة سكنية او تمليكه محل التجاوز او تعويضه بمبلغ مالي خلافا للمبدأ القانوني ان الغاصب لا يكافأ. وان هناك قرارات الزمت الجهات المعنية بإزالة التجاوزات بالتريث في الازالة لفترة محددة واخرى وجهت الجهات المالكة للعقار المتجاوز عليه بمساعدة المتجاوز بتقديم مبلغ مالي له بهدف حثه على التوقف عن التعدي على املاكها وبالرغم من صدور القرار (387) لسنة 2012 من مجلس الوزراء لغرض تفعيل الحماية القانونية للممتلكات والمرافق العامة ومحاسبة المتجاوزين، حيث لا يجوز مكافأة المتجاوزين عن تجاوزهم على الاملاك العامة والخاصة، وتلغى جميع قرارات تعويضهم وتجريم الافعال المضرة بأفراد المجتمع ومحاسبة فاعلها، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. الا انه في عام 2013 اصدر مجلس الوزراء قراره المرقم (254) بتشكيل لجنة رئيسية لغرض الاشراف على عملية فرز الاراضي وتوزيعها بين سكنة العشوائيات من المتجاوزين، بهدف معالجة مشكلة السكن والقرار (440) لسنة 2008 المتضمن الايعاز بصرف مبلغ مالي للمتجاوزين على عقارات الدولة مع اعفائهم من الاجراءات المنصوص عليها في القرار (154) لسنة 2001، وان الكثير من القرارات خولت امين بغداد ورؤساء الوحدات الادارية صلاحية حجز المتجاوز، الا ان تلك القرارات عطلت بصدور الدستور العراقي الذي حظر الحجز والتي عطلت احكام القرار (55) لسنة 1993 وقانون ادارة البلديات رقم (165) لسنة 1964 والقرار المرقم (494) لسنة 1989وقانون تنظيم مناطق تجمع الانقاض رقم (67)لسنة 1986 والتي خولت مين بغداد معالجة التجاوزات على ارصفة الشوارع في مدينة بغداد. وان الضرورة تقتضي المعالجة القانونية لمشكلة التجاوزات ومعالجة ازمة السكن معالجات حقيقية وجادة واقامة مدن جديدة وتشريع قانون حماية الاموال العامة المنصوص عليه في المادة (27/ثانيا) من الدستور العراقي وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وتشريع قانون لتوزيع الاراضي السكنية بشكل عادل ومنصف وتفعيل الجان الخاصة بإزالة التجاوزات وتوفير الحماية القانونية والدعم الامني للقيام بعمالها وفق 
القانون.