بعد هدوء العاصفة

الرياضة 2021/08/25
...

خالد جاسم
انفض سامر الحديث عن مشاركتنا في الدورة الأولمبية، بعد ان جاءت النتائج متطابقة مع التوقعات ومنسجمة مع واقع الحال، ولا شيء جديدا يستحق التعليق هنا، حتى لو ذهب كثيرون الى خلاف ذلك عندما تحدثوا عن تطور الاخرين وكيف تحصد الأمم الأوسمة في الأولمبياد، مع أن هذا الحصاد متطابق ومنسجم تماما مع مجهودات كبيرة تستند الى التخطيط العلمي الصحيح والحسابات الدقيقة، وليس نتاج فوضى وانعدام شبه تام لشيء اسمه التخطيط، وسيادة شبه مطلقة لمنطق العمل بالغريزة والعاطفة وليس العقل . 
نحن ومع كل دورة أولمبية نجتر الحديث نفسه؛ فنستذكر البرونزية الوحيدة واليتيمة في تاريخنا الأولمبي لصاحبها الراحل عبد الواحد عزيز الذي نال من الشهرة والمجد بعد وفاته أضعافا مضاعفة، بعد أن صار هو الوحيد أغنيتنا الأولمبية الوحيدة ونشيدنا الأولمبي الخالد، وما زلنا عاجزين منذ أكثر من نصف قرن عن تكرار إنجازه، ما دمنا مصرين على سياسة الهروب الى الأمام، وأثبتنا بالوقائع أننا قوم عاجزون ولا نحسن من بين قلة محاسننا إلا النفاق والنميمة.. تماما كما هو حلمنا المؤجل الى أمد غير مسمى في بلوغ المونديال الذي بلغناه مرة واحدة في التاريخ منذ أكثر من ربع قرن . 
وكعادتنا بعد كل دورة أولمبية، شمرنا عن سواعدنا وشحذنا أسلحتنا وجهزنا المداد لأقلامنا في الحديث عن الإخفاق والفشل، وكأننا خارج دورة الزمن ونعيش في كوكب اخر، فننتظر من بضعة رياضيين اجتراح المعجزات والعودة من طوكيو مكللين بالغار وتزين صدورهم الأوسمة، مع اننا لم نبلغ عتبة التطور والمنافسة الحقيقية لأشقائنا العرب واصدقائنا الاسيويين، بعد ان أخفق كل أفراد بعثتنا في اجتياز الحاجز الاول في المنافسات الاولمبية، فرمى المسؤولون عنهم مبررات ما حدث على شماعة ضعف الاعداد وقلة الاحتكاك وسوء الحظ وقوة المنافسة، وغير ذلك من أسانيد التبرير، وهي جميعا صحيحة، لكن أحدا لم يسأل أو يتساءل ويقول: هل نحن نمتلك فعلا مقومات تؤهلنا لحصد وسام اولمبي واحد؟ الجواب بكل بساطة هو كلا بل ألف كلا.. والأسباب هنا معروفة لنا جميعا والكل يتحمل المسؤولية، وليس من المنطق بل وحتى من المعقول ان نتهم هذه الجهة أو تلك، مع الاعتراف هنا طبعا بمقصرية اللجنة الاولمبية على صعيد غياب التخطيط العلمي في رياضة الإنجاز، وهو تقصير تتحمله الاتحادات الرياضية كما تتحمله وزارة الشباب والرياضة، لأنها الجهة المسؤولة عن توفير البنى التحتية الاساسية التي لا يمكن تحقيق شيء من دون توافرها وحضورها الفعلي وليس على الورق، أو في كرنفالات وضع الحجر الأساس، ولم يتمكن جهابذة التخطيط وعباقرة التدريب من بلوغ العتبة الأولى في صناعة مشروع بطل أولمبي عراقي.. وكيف نطلب من اللجنة الاولمبية التي اُمطرت بسهام النقد حقا وباطلا، أن تنهض بالتخطيط الصحيح ووضع ستراتيجية عمل رياضي سليم، وهي ممزقة من الداخل ومنشغلة بالخلافات والتآمر والتقاطعات حتى في داخل مكتبها التنفيذي، وكيف نتوقع من اتحادات رياضية معظمها مبتلاة بالمافيات واللصوص وشبه الأميين أن تنتج لنا أبطالا أولمبيين .. وماذا نتوقع من أفعال وخطوات واقعية من اكاديميين وخبراء بعضهم يرفع سيف الشتائم على الاخرين وقذفهم باللعنات واتهامهم بالجهل والأمية، لأنهم استبعدوا عن مناصب ومواقع أو لم تنفذ لهم طلباتهم هنا أو هناك ..وماذا بعد ؟.