أولوية الشرق الأوسط في الحسابات الأميركية

الرياضة 2021/08/25
...

محمد صالح صدقيان 
يعتقد كثير من الأوساط الاقليمية بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تفتقد لستراتيجية واضحة للشرق الأوسط؛ لأنها ليست "أولوية" في السياسة الأميركية حالياً؛ وهو ما دعا العديد من الأميركيين لدعوة الإدارة الأميركية الى اتخاذ مثل هذه السياسة قبل أن ترغم علی جعل منطقة الشرق الأوسط "أولوية". 
يقول كينيت بولاك ودينس روز في مقالهما المشترك الصادر من "معهد واشنطن" إن الولايات المتحدة قد لا تكون قادرة دائماً على ضبط حلفائها لمنعهم من الإقدام على خطوات متهورة حتى بوجود ستراتيجية أميركية شاملة وواضحة للمنطقة، ويقول المقال: "إذا لم يشعر حلفاء أميركا بأنهم يعرفون إلى أين تنوي واشنطن قيادتهم، أو إذا شعروا أنها ستفعل القليل أو لن تفعل شيئاً لمواجهة ما يعتبرونه تهديدات، فسوف يتحركون من تلقاء أنفسهم،وغالباً ما تَمنع هذه الإجراءات المسارات البديلة التي تفضلها الولايات المتحدة، أو تخاطر بإثارة كوارث جديدة في المنطقة".
ما كتبه بولاك وروس يستند الی معطيات حصلا عليها من خلال زيارات قالا إنهما قاما بها للمنطقة، والحديث مع كبار المسؤولين فيها.
الاعتقاد السائد بأن ماسمعه هذان الكاتبان المرموقان أميركيا، يعكس التخوف من السياسة التي تنتهجها إدارة الرئيس بايدن لتهدئة الأوضاع في المنطقة وتقليل حدة التوتر فيها.
هذه الإدارة بدأت عملها في الشرق الأوسط علی مسارين، الأول تعيين تيم ليندركينغ مندوبا خاصا لليمن، للمساهمة في ايجاد حل لإنهاء الحرب بمساعدة الاطراف المعنية في المنطقة، أما المسار الثاني فهو تعيين روبرت مالي مندوبا للشأن الايراني،ويشرف حالياً علی ادارة المباحثات مع الجانب الإيراني في فيينا.
لا نريد استباق النتائج في إمكانية نجاح هذين المندوبين في مهمتهما الصعبة، لكن المؤشرات تدل علی أن الإدارة الأميركية تعتقد بأن العمل علی حل هذين الملفين يمكن أن يخفض التوتر في المنطقة، وأن البوابة الإيرانية كفيلة بإيجاد مخارج مناسبة لأزماتها.
العقدة التي تقف أمام هذا التصور تأتي من الكيان الإسرائيلي الذي عارض بشدة التوصل للاتفاق النووي في عهد الرئيس باراك أوباما، وعمل علی دفع الرئيس دونالد ترامب للانسحاب من هذا الاتفاق كمقدمة لانهياره، والآن يعمل علی عدم إحياء الاتفاق بتغطية مالية وسياسية من بعض حلفاء الولايات المتحدة.
مندوب إيران الدائم لدی الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب آبادي نقل أن الجانب الإيراني رفض اقتراحات إزالة العقوبات علی الحرس الثوري وشخصيات إيرانية مقابل العمل علی الموافقة على المساعدة في ترتيب الأوضاع في المنطقة، وهذا يعني أن طهران ليست مستعدة لحماية "الأمن الإسرائيلي" من خلال بحث العلاقة مع أصدقائها في المنطقة أو مناقشة قدرتها العسكرية الصاروخية.
لايبدو في الأفق ما يشير الی استعداد الحكومة الإيرانية الجديدة لتقديم تنازلات علی هذا الصعيد، إذ قال الوزير المرشح لحقيبة وزارة الخارجية أمير عبد اللهيان إن إيران ترحب بمباحثات بناءة مع المجموعة الغربية بشأن إحياء الاتفاق النووي في إطار الالتزام بجميع التعهدات، بعيدا عن التسويف ومضيعة الوقت، وهو موقف لاتشم منه رائحة تنازل أو رغبة في تعديل الزوايا.
خيارات إيران في الوقت الراهن أكثر بكثير من خياراتها عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2017 وهذا مايدعو الإدارة الأميركية الی التفكير الجدي في جعل مباحثات فيينا تستند الی أساس رابح، لأن غير ذلك يجعل مقال "معهد واشنطن" مصيبا في رأيه "بإثارة كوارث جديدة في المنطقة"، وأن التجربة أثبتت أن الاعتماد علی الرغبات الإسرائيلية لايمكن له أن يعيد الأمن والاستقرار للمنطقة.