بغداد/ مصطفى الهاشمي
دعت وزارة التخطيط مجلس النواب الى الاسراع بتشريع قانون خاص ينظم عمل المراكز البحثية الاقتصادية غير الحكومية، لكونها تعمل باستقلالية، بهدف الخروج برؤية قريبة جداً الى الواقع لتنمية الاقتصاد من خلال رسم خطط ادارة الموارد.
وأكد المتحدث الرسمي باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي في تصريح لـ "الصباح" ان "عدم وجود قانون ينظم عمل المراكز البحثية ذات التخصصات الاقتصادية هو ابرز أسباب غياب دور هذه المراكز في اصدار الدراسات البحثية والاستطلاعات والمسوحات، التي يحتاجها كل من الجمهور واصحاب القرار للاطلاع عليها وبناء تصوراتهم وفقا لها".
ويقدم جدول أعلى 10 دول عالمياً من ناحية عدد مراكز البحوث دليلاً واضحاً عن أهميتها للتطور والنفوذ الاقتصادي، اذ تحتل الولايات المتحدة المركز الاول، تليها الصين، ثم المملكة المتحدة، والهند رابعا، ثم ألمانيا، تليها فرنسا، والأرجنتين، ثم روسيا، واليابان، وآخرها كندا في المركز العاشر.
وبيّن أنّ "عدم وجود طلبات حكومية لهذه المراكز لتقديم دراسة أو بحث أو مسح يعد سببا آخر لغياب دورها في العملية التنموية".
مخرجات نصيَّة
أوضح الهنداوي أن "دور مراكز البحوث، التي تتصف بمخرجات نصية، لا تنتج أية سلع ملموسة، لكن دورها في تنمية الاقتصاد واضح من خلال رسم خطط لادارة الموارد، إذ توجد دول ثرية اقتصادياً، فقيرة بمواردها الطبيعية، كما توجد دول ضعيفة اقتصادياً رغم امتلاكها موارد طبيعية يصعب تقديرها.
وتابع "يعود دور مراكز البحوث في تنمية الاقتصاد إلى اسهامها في رسم سياسات اقتصادية فاعلة عن طريق توظيف خبراء وأكاديميين في مجال الاقتصاد، وتكريس جهودهم في تحليل السياسات الاقتصادية، فضلا عن التوقعات او التنبؤات".
وأشار الى ان "وزارة التخطيط تدعم هذا التوجه من خلال المبادرة التي أطلقتها مؤخرا والتي تتمثل بـ (المنتدى الوطني للتنمية المستدامة)، الذي أكدت أن أبوابه مفتوحة للجميع ذوي الخبرة والاختصاص لتقديم رؤاهم الاصلاحية للوزارة من خلاله".
بيانات واقعيّة
لفت الى ان "هذه المراكز تتمتع بحرية وبعيدة عن البيروقراطية كما ان حاجة العراق لهذه المراكز يتزايد يوما بعد آخر؛ لان المستثمرين يطالبون ببيانات مستقلة وواقعية من جهات غير حكومية ويعتد بنتائجها".
ويمتلك العراق عددا من المراكز البحثية الحكومية التخصصية في المجالات الاقتصادية كالجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، ومركز بحوث السوق وحماية المستهلك، الى جانب عدد آخر من المعاهد الخاصة كمعهد الاصلاح الاقتصادي ومعهد التقدم للسياسات الإنمائية، وغيرها.
واضاف الهنداوي "هناك عدد محدود جدا من هذه المراكز التي تتبع لمنظمات المجتمع المدني، وان دورها يبرز في اوقات محددة كفترة الانتخابات مثلاً، مؤكدا ان المراكز البحثية في الوقت الراهن بحاجة الى تفعيل بالسرعة الممكنة بما من شأنه ان يوجد قاعدة بيانات معتمدة محليا وعالمياً".
ويرى مختصّون أن كثيرا من الدول ترسم وزاراتها المختلفة خططاً اقتصادية متناقضة، لأنّه لا يحق للباحثين أن يناقشوا أفكارهم مع زملائهم في الوزارات الأخرى، اما في الاقتصادات الناجحة، تحتل مراكز البحوث دوراً محورياً في التنسيق بين أصحاب القرار الاقتصاديين نظرا للآثار الإيجابية للتنافس فالوحدة البحثية الموجودة في مؤسسة حكومية لا تتعرض لظاهرة التنافس، بينما تضطر مراكز البحوث الى أن تتنافس مع المراكز الأخرى لجذب اهتمام أصحاب القرار، بناءً على جودة مخرجاتها البحثية، ما يؤسس حافزاً قوياً لتعزيز أدائها، وهو حافز غائب في الوحدات البحثية لدى
الوزارات.