طالبان.. البحث عن الوجه الجديد

آراء 2021/08/28
...

 محمد صادق جراد 
 
بعد الانهيار السريع والانسحاب الأميركي من أفغانستان وسيطرة طالبان تحاول الأخيرة إظهار وجه اكثر اعتدالا واحتراما لحقوق الانسان، بعد الصورة المرعبة التي ظهرت بها عندما سيطرت على كابل عام 1996.
حيث قامت حينها بالكثير من الاجراءات وأصدرت العديد من القرارات التي اظهرت من خلالها تطرفها ووجهها الكالح، بدأت باعدام الرئيس السابق والتضييق على الحريات، لا سيما ما يخص النساء ومنعهن من العمل وحتى من الذهاب الى المدارس ومنعهن من المشاركة السياسية، بل وصل الحد الى عدم السماح للمرأة بالسفر او الخروج الا بوجود شخص ذكر محرم معها. وانتشرت مشاهد الرجم والجلد وتفجير العديد من الاثار والمراكز السياحية وانتشار الزواج القسري، وصور بشعة ما زالت مترسخة في ذاكرة المواطن الافغاني، الامر الذي جعلنا اليوم امام هروب جماعي للشعب نتيجة الصورة السوداوية التي تحملها ذاكرة كل افغاني. فالهروب الكبير للحشود السكانية في المطارات يعكس الخوف والقلق من مستقبل الناس في ظل حكم طالبان.
طالبان اليوم تحاول اظهار وجه معتدل جديد من خلال عدد من القرارات والخطابات والادعاءات، التي يمكن ان تكون بمثابة رسائل تطمين للمجتمع الدولي والدول الاقليمية، ولكن من الصعب الحكم على ذلك او تصديقه قبل متابعة الافعال والتنفيذ الفعلي لهذه القرارات والتوجهات الجديدة.
ولا بد من الاشارة الى حقيقة مهمة وهي ان مفهوم الاعتدال، يحتاج الى بنية معرفية قد لاتتوفر لدى طالبان وجميع المجموعات المسلحة والمتطرفة في العالم، ولهذا يمكن القول بأن ما يصدر من مواقف او خطابات اعتدال لاتتجاوز كونها محاولة لاظهار وجه مزيف، لعبور مرحلة صعبة والتمكن من السيطرة الكاملة دون معارضة دولية او اقليمية للوضع الجديد في افغانستان.
ما حدث في افغانستان لم يحظ بردود فعل دولية قوية، فنجد أن هناك مخاوف من تجدد الانتهاكات الخطيرة في حقوق الانسان في البلاد من قبل المنظمات الدولية والراعية لحقوق الانسان، اما الموقف الرسمي الغربي فهو غير واضح وهو تابع للموقف الاميركي البعيد جدا عن مخاوف الناس في افغانستان، خاصة النساء من التعرض لجرائم انتقامية لاحقة وتضييق للحريات بعد سيطرة طالبان التامة على مقاليد
 البلاد.