تجاوز أثر التجاوز

آراء 2021/08/30
...

 حسين الذكر 
 
منذ مدة طويلة نسمع ونرى ونكتب عما يدور في بيئتنا من تجاوزات كثيرة على الصالح العام، شملت العديد من الشرائح وتنوعت بألوان وأسماء وعناوين المتجاوزين. 
العملية برمتها بدأت واتسعت وتغلغلت باعماق المجتمع لتغدو ظاهرة مؤثرة مستقرة متمددة، انطلقت بواكيرها بعد تغيرات 2003 مباشرة، وكانت بشكل ضيق ولحاجات ملحة وعدت مبررة في حينها، من قبيل الانفتاح والحرية والتعبير واشباع الذات المكبوتة وسد العوز ومحو مخلفات سحيقة ومتغرزة وتعد جزء من المشهد.
لكن الحالة اكتسحت واتشحت بسواد مظلم اخذ يتمدد على حساب الوطن والمواطن، وادق تفاصيل التعدي على الصالح العام، وهيبة الدولة ومؤسساتها.
لدرجة ضجت الناس وتعطلت بعض المصالح وتشوهت المناظر وأغنت وترهلت جهات وافراد ومجاميع على حساب الامة.
مما تطلب تدخل الجهات الحكومية بشكل مباشر قوي لوقف التدهور والتمادي الحاصل من جهة والحد من أضراره وتداعياته من جهة أخرى.
هذه ليست المرة الاولى التي تتحدث فيها الصحافة ووسائل الاعلام عن ذلك، وليس الاجراء والامر الحكومي للتنفيذ، بل إن خطوات عدة اتخذت ونفذت وحاولت، لكنها لم تصل الى المطلوب ان لم نقل إنها فشلت بتحقيق اي من اهدافها المنظورة وغير المنظورة قصيرة المدى او بعيدة.
وظل الملف بكل انعكاساته يمثل كابوسا جاثما على صدر البلد، ونسمع نشيج تداعياته من صدور شرفاء الامة، الذين يتحسسون الواقع ويعانون ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم وقراءاتهم للمستقبل، فضلا عما يمثله ملف التجاوزات وما يعنيه لمستقبل البلد والمجتمع.
وقد باشرت حكومة السيد الكاظمي منذ ايام، بما تسمى بحملة رفع التجاوزات واعادة الامور الى نصابها، بخطوة ادخلت السرور بنفوس المواطنين وبعثت الامل بامكانية التصحيح والقضاء على التجاوز بكل مظاهره ومخلفاته والمعشعشين تحت يافطته ومبرراتها الانسانية وغيرها.
لكنَّ ثمة سؤالا يجب أن نضعه أمام السادة المسؤولين، لغرض الافادة من التجارب والحملات السابقة بهذا السياق والملف. 
فهل رفع التجاوز ثقافة مجتمعية ام حرب جرافات؟، اذا ما اهتدينا الى الاجابة وعرفنا أن الحكومة والشعب متضامنون بضرورة الخلاص من هذا الملف ووقف تداعياته وانهاء ازماته، وما يتعلق منه بمصالح الفرد وكذلك المؤسسات والقانون والصالح العام.
سنكون امام حقيقة ماثلة لا تقبل سواه ولا نتعامى عن فحواها. تتمثل بجوهر ازالة التجاوز الذي يعد جزءا من الجهل وتصحيح الخطا بخطأ.
فإن سكتت الحكومة عن ذلك في مراحل معينة حتمتها ضرورة معينة، فإن الضرورة الملحة والمسؤولية الشرعية والوطنية والاخلاقية تتطلب المضي في مشروع ازالة التجاوز بكل عناوينه، وألا يقتصر على ما يخص تجاوز المواطن الفرد، لا سيما الفقير منه.
فان ذاك سؤدي الى فشل حتمي للمشروع كما فشل من قبل بنتيجة استهدافية لصالح الناس.
مما يجعلنا كحكومة ووسائل اعلام ومؤسسات مجتمع مدني ساندة، ان نقف جميعا مع المشروع ونثقف الناس بحتمية انهاء هذه الحقبة الانفلاتية، شريطة ألا يكون فيها تعدٍ على الفقراء، وان نجد البدائل السريعة والمريحة والشريفة لهم.
عند ذاك نرضي الله والمواطن والوطن، فضلا عن الذات المسؤولة لرضا الضمير والعيش بسلام مجتمعي لاغبن ولا عنتريات ولا أمية فيه.. والله ولي التوفيق.