معجم العائلة

آراء 2021/09/01
...

  حيدر زوير
 
أثناء حوار عن لغة المتزوجين قال رجل لصديقه وهو ممتعض: راجعت رسائل زوجتي على الواتساب وجدت أن تسعين بالمئة منها تبدأ بكلمة {جيب،  جيب خبز، جيب خضروات..الخ}. 
فرد الصديق بامتعاض أكبر: رسالة {جيب} أهون بكثير من رسالة: {وين أنت؟}. وفي حوار لزوجتين نقلته إحداهن عبر منشور كتبته على {فيسبوك}، قالت بامتعاض: إن صديقتها كانت تتحدث الى زوجها قبل النوم ولا يبادلها حماسة الحديث، وبين جملة وأخرى يقول لها: {يله كافي خليني أنام} وهي ترفض، إلى أن أشتد غضبه فقال لها: شتريدين؟ فقالت بقوة: قل أني أحبك. فأجابها على الفور: واذا قلتها تتركيني أنام؟. 
هذان المثالان ليسا الا عينة بسيطة من الحياة اللغوية الزوجية العراقية. 
لذا تجرى على الدوام مقارنة مضحكة ومؤلمة بين ما يقوله الازواج لبعضهم البعض في الحياة اليومية في مجتمعنا ومجتمعات أخرى. ليست الكلمات المستعملة، بل طريقة قولها. ومن هذه الامثلة التسمية على الهاتف. ففي تقرير صحفي أطلعت عليه يجيب على سؤال: ما اسم رقم هاتف زوجتك عندك؟ وجد من سمى باسماء صفات لا تليق بزوجاتهم، وهنالك من هم أقل حدة فقد سمى {البيت، المسؤولية، عايلتي.. الخ}.
ولأن اللغة في هذا السياق كما هو ثابت ألسنيّا هي مؤسسة ثقافيّة، فهذا يعيدنا إلى تلك البنى الرئيسة، التي تحدثنا عنها في المقالات السابقة والمتعلقة بنظام العائلة في العراق، فما دام النظر إلى تزويج الابناء بوصفه مجرد حمايتهم من الوقوع في العلاقات غير الشرعية. 
أو مجرد اشباع للغريزة الجنسية. وهكذا بالنسبة للبنت بوصفه {ستر لها} أو كما يقال شعبيّا {البنت حمل يجي يوم ينزل من ظهر الابو لظهر الزوج}، أي النظر بضيق لمنظومة كبيرة اسمها 
الزواج.
لا يتعلق العنف والسوء اللغوي في معجم العائلة العراقية بمستوى التعليم، فاللغة هنا هي الكلام، وهي موضوع ثقافي وليس قاعديا، مثلما هو موضوع الصوت المستعمل لهذا الكلام. بل هو متصل بطبيعة العلاقة، التي تقوم عليها النظم الاجتماعية. وكنا قد أشرنا في مقال سابق، الى أن البناء الاجتماعي يقوم بالاساس على {العلاقة} وموضوع هذه العلاقة هو من يشكل {النظم الاجتماعية} ومن هذه النظم، هو {نظام العائلة}، الذي يشكل مع غيره النسق الاجتماعي.. لتكون الخلاصة أن موضوع العلاقة. 
طبيعتها، جنسها، تكاملها. هو مثلما يصوغ نجاح أو فشل النظم ـ أي ــ نظام الزواج. هو من يصوغ كذلك اللغة ويضع المعجم العائلي .