قمة بغداد.. جسور التعاون والشراكة

آراء 2021/09/04
...

 د . صادق كاظم 
 
يمكن القول إن قمة بغداد الدولية التي جرت مؤخرا قد نجحت في تحقيق اهداف عدة، حيث انها أكدت استعادة العراق لدوره المحوري الاقليمي المؤثر من خلال سياسة دبلوماسية محايدة تعمل على استقطاب وجذب الاطراف المتصارعة في المنطقة، لتبني سياسات الحوار والمفاوضات على ارض العراق لحل مختلف الازمات العالقة في المنطقة، بدلا من سياسات الشد والجذب والتصادم والصراع والحروب بالنيابة والتي تدفع المنطقة اثمانها بشكل باهظ.
ترحيب دول المنطقة التسع، اضافة الى فرنسا بثقلها الدولي البارز ومكانتها السياسية والعسكرية والتكنولوجية بمبادرة بغداد واسراعها بالمشاركة بعدة مستويات أكدت بأن بغداد اليوم مقبلة على النهوض سياسيا والتعافي من جراحات الماضي، التي اثقلت الجسد الوطني من خلال تبني منهج موحد يقوم بمراعاة مصالح البلاد وشعبها والحياد في الصراعات والازمات واعادة التموضع سياسيا بعيدا عن المحاور والاقطاب المتصادمة والمتصارعة.
القمة شهدت انجازات واختراقات اهمها اللقاء القطري – الاماراتي الذي شهد اذابة الجليد في العلاقة بين ابوظبي والدوحة، اضافة الى اللقاء المصري- العراقي- القطري الذي يشكل نواة لتعاون اقتصادي وسياسي له انجازاته المستقبلية المهمة، اضافة الى الحضور التركي والايراني المهم، حيث ان لكل منهما تاثيرات ومصالح وعلاقات متداخلة مع العراق وتوظيف هذه العلاقات وادخالها في منظومة تعاونية مختلفة الصور والاشكال، امر سيسهم بالتاكيد في تعزيز امن العراق واستقراره،اضافة الى امكانية حل الخلاف مع انقرة بخصوص تواجدها العسكري الطارئ في بعشيقة،اضافة الى ملف الهجمات المتكررة على الاراضي العراقية بذريعة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني.
يسجل للقمة نجاحها في اثبات التحول العربي والاقليمي للعراق صوب تبني ريادة سياسية واضحة وحكيمة في المنطقة تتبنى نهجا توفيقيا لا تصادميا تتبناه بغداد التي باتت تملك بوادر ومؤهلات الزعامة الاقليمية واقامة الشراكات الايجابية في مختلف اوجه التعاون والتي تحتاج ان سارت على هذا المنوال التوافقي الهادئ الى وقت وصبر قبل ان تظهر نتائجها وانعكاساتها على المنطقة.
دول المنطقة التي سارعت الى تلبية الدعوة العراقية تدرك بان بغداد تفتح لها اكثر من نافذة امل وسط مناخات واوضاع مضطربة ومتقلبة عكستها العديد من الاحداث التي مرت بها المنطقة والتي كان اهمها الانسحاب الاميركي من افغانستان والتقلبات في اسعار النفط وعدم توصل الاوبك الى حل لحسم النزاع الاخير بين الامارات والسعودية، اضافة الى توقف المباحثات النووية بين الايرانيين والاميركيين وهي ملفات قد تشجع بغداد على القيام بادوار جديدة والتقاط مفاتيح الحلول المناسبة لها.