الأجندة السياسية المتقابلة في منشأ كورونا

آراء 2021/09/05
...

 رزاق عداي
عندما عجز علماء الفيزياء بمن فيهم العبقري - اينشتاين - في اخضاع حركة الالكترون العشوائية الى نموذج معادلة رياضية، كثرت التأويلات بصدد هذه الموضوعة وانفتحت ثغرة في العلوم، حاول حتى الميتافيزيقيون والروحانيون الولوج من خلالها بغية توظيفها لترويج تأويلاتهم الماورائية في مناحٍ شتى، وكان آخر عالم فيزياء نووي الماني حاول ترويض سلوك الالكترون ولكن دون جدوى هو - هايزنبيرغ - الذي اشتغل على هذا الموضوعة وانتهى الى مبدأ سجل باسمه هو مبدأ اللا تعين، الذي ينص على أن بعض الظواهر الطبيعية تبقى في حالة استعصاء، وتنأى عن القنونة والانتظام.
فالبشرية التي ما زالت تترنح تحت ضربات فيروس كورونا على مدى ما يقرب من السنتين لم تعرف حتى اليوم مصدر او منشأ هذا الفيروس، الذي راح يتحور الى نسخ متجددة ومتنوعة ومتصاعدة القوة والتأثير تباعا، فهل هو من مصدر حيواني؟ لا سيما ان اول ظهوره في مدينة يوهان الصينية التي تزخر اسواقها بعروض لحيوانات برية وطازجة، تمثل وجبات مفضلة لدى بعض الصينين، او انها من مبتكرات الهندسة الوراثية لبعض جينات الفيروس المولدة في المختبرات التي تهتم بعلوم الفيروسات الجرثومية؟.
بالمقابل فان الصين تتهم الولايات المتحدة بنشاطها الجرثومي القديم، بان لها تاريخها الطويل في هذا المضمار، وتلمح صراحة الى مختبر بعينه يقع في ولاية ميرلاند، وهو المسؤول عن انتاج مثل هذه الفيروسات المصنعة، نظرية تسرب الفيروس من المختبر بشر انصارها اول مرة في الولايات المتحدة كونه حصل في مدينة - ووهان- الصينية، بوجود منشأة أبحاث بيولوجية بوسط المدينة، الا وهي معهد ووهان لعلم الفيروسات كان المعهد يدرس فيروسات كورونا على الخفافيش منذ اكثر من عقد، وهذه النظرية المثيرة للجدل ظهرت اول مرة في زمن الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب. وكان من المفترض ان تتولى منظمة الصحة العالمية هذه المهمة في البحث الدقيق عن منشأ كورونا، ولكنها عندما ارسلت فريقا من الخبراء الى الصين، كان تقريرها يثير الاسئلة اكثر من الاجابات، فالرواية الصينية تقول ان الفيروس ربما عن طريق شحنات غذائية أتت اليها من الخارج، ولكنها لا تقدم أدلة علمية على ذلك، كما ان التعتيم الذي فرضته الحكومة الصينية حول انتشار الفيروس في الاسابيع الاولى من انتشاره في الاراضي الصينية، وفرض رقابة شديدة على كل المعلومات المتعلقة بالعدوى، كل هذا اثار مزيدا من الشكوك حول مصدر الفيروس وكيفية انتشاره، واليوم ومع ظهور تقارير جديدة فهذا يعيد النقاش الى المربع الاول، فهل منشأ الفيروس هو المعهد البيولوجي الصيني، سؤال عاد الى الواجهة مجددا، مما دفع الرئيس الاميركي - جو بايدن -الى اصدار اوامره الى اجهزة بلاده الاستخبارية للبحث عن اصل الفيروس، وقد حدد لهذه المهمة مدة تسعين يوما فقط. 
فاذا كانت حركة الالكترون العشوائية التي ظلت خاضعة الى اجتهادات وتأويلات شتى فيزيائية وحتى ما ورائية - إلهية فان غموض منشأ كورونا باتت تحدده أولويات سياسية- استخبارتية بالدرجة الاولى.