التثاقف

آراء 2021/09/07
...

  ريسان الخزعلي
 
التثاقف، في التوصيف اللغوي، اصطلاح مشتق من الثقافة. والثقافة بمعناها الواسع اكتساب معرفي يتم بالاطلاع على التراث الانساني الشامل والتفاعل سلباً أو ايجاباً مع تراكماته في: الفلسفة، الفكر، الآداب، الفنون، الفولكلور، الاقتصاد، الاجتماع، العلم، التكنولوجيا، علم النفس، الحضارات.. الخ من مبتكرات الانسان، منذُ التكوين وإلى يومنا هذا.
والتثاقف، كما يوصفه معجم علم الاجتماع: هو العملية التي يستطيع الفرد أو الجماعة بواسطتها اكتساب الصفات الحضارية لجماعة أخرى من خلال الاتصال والتفاعل بينهما. والتثاقف إما أن يكون على المستوى الفردي أو المجتمعي .
ويُضيف علماء الاجتماع إلى توصيفهم الكثير من التفاصيل من بينها: إن التثاقف بالنسبة للفرد ما هو إلا عملية تَعلّم اجتماعي أشبه بعملية التنشئة الاجتماعية التي تلعب فيها اللغة دورا جوهريا. 
أما بالنسبة للمجتمع، فالتثاقف هو عملية انتشار القيَّم والمقاييس والأحكام الاجتماعية إلى المجتمعات الأخرى مع تعرّضها لعمليات التبدّل التي تجعلها منسجمة مع ظروف وأحوال المجتمعات التي دخلت إليها.
إنَّ المقاييس والقيم والأحكام التي تدخل إلى المجتمعات، غالباً ما تُسبب لها ظاهرة الصراع الحضاري، أي الصراع بين القيَّم الأصيلة والقيَّم الدخيلة.
بعد الثورة العلمية التكنولوجية التي حصلت في مجال الاتصالات والبث الفضائي والتواصل الاجتماعي، أصبح من اليسير جداً الاطلاع على أحوال المجتمعات الأخرى، اجتماعياً وثقافيا  وسياسياً واقتصاديا. 
ومن اليسير أيضاً أن يحصل التأثر والتفاعل والتقليد، على مستوى الفرد أو الجماعات أو المجتمع بصورة عامة. من هنا يأتي دور الفصل بين ماهو ملائم وما هو مُقارب وما هو مقبول وماهو ضار. 
ومثل هذا الفصل لابدَّ له ُ أن يقوم على دراسات ومناهج تربوية وعلمية وبحوث وبرامج تثقيفية وتوّعوية دقيقة، تأخذ في الحساب التكوين التاريخي والاجتماعي والثقافي والنفسي والاقتصادي للمجتمع، من أجل اختيار كل ماهو مقبول وملائم.
إنَّ ما يحصل في مجتمع ما من تحوّلات مختلفة توالم ذلك المجتمع، ليس بالضرورة أن توالم مجتمعا آخر، مع ملاحظة أنَّ التحولات العلمية والتكنولوجية التي تخدم حياة الانسان أينما كان، لا بدَّ أن يكون لها الأولوية في الاختيار والتطبيق واعتبار أنَّ التثاقف هنا، ماهو إلا تثاقف ايجابي.
وفي الخُلاصة، كما تقول الضرورة في عصرنا هذا، يتحتم علينا، أفراداً ومجتمعاً وحكومةً، أن ندرك ونستدرك التثاقف بما يتناسب مع حاجاتنا ويضعنا في الخطوات الذاهبة إلى المستقبل الأجمل صفاء ًوالأغنى حياةً.