إبداع بارالمبي جديد

الرياضة 2021/09/07
...

خالد جاسم
 

كتبتُ في أكثر من مناسبة عن نجاحات الرياضة البارالمبية العراقية, وأطلقت على تلك الفئة الباذلة من أهل الرياضة تسمية (الرياضيون الأصحاء ) في دلالة رمزية تختصر مسافات تحدي الذات قبل تحدي العوق الجسدي أو الذهني من أجل بلوغ الإنجاز الرياضي وتلمس طريق النجاح وتعبيده عبر العزم وقوة الارادة بما هو أفضل برغم ضعف الاهتمام والدعم بتلك الشريحة الكبيرة في نسيج المجتمع الرياضي التي جسدت تحديها الصعاب ومقارعة كل أشكال الخضوع لمقدرات العوق في جزء من الجسد وقهر عيب خلقي في جزء اخر أو في مقاومة ما تفرضه كيمياء الدماغ من إرادات نتيجة قصور أو خلل في أعظم منظومة خلق الرب جل في علاه للإنسان وهو الدماغ , وهذه الفئة التي تستحق أن توصف بالمناضلة بحق اختطت لنفسها دربا شاقا وطويلا في عالم الرياضة لكنه صار ليس مصدر قهر من أبطال وبطلات رياضة المعاقين الأصحاء لجميع أشكال العوق الفيزيائي والذهني بل اصبح إصرارا مثيرا للإعجاب حقا من أجل أن يجسد هؤلاء الرياضيون رسالتهم الى المجتمع على إنهم ليسوا جزءا معزولا أو عاجزا عن تلمس قمة النجاح وتحقيق المجد الرياضي بل هم فاعلون وجديرون بالإشادة والتقدير برغم عدم اهتمام الدولة بهم وتلبية متطلبات الحدود الدنيا من مستلزمات ووسائل مسح فكرة إنهم معاقون وليسوا قادرين على الانتاج والإبداع كما تحظى هذه الفئة من اهتمام ودعم على قدر كبير من التميز في الأمم المتحضرة , وهذه الحقيقة برغم مرارتها وواقعيتها المعروفة لم تكن سوى أسلاك شائكة تعداها أبطال البارالمبية في رياضتنا بفضل الصبر والكفاح والاصرار وقوة العزيمة , وهذا ليس كلاما إنشائيا أو مجاملة اقتضتها علاقتي الطيبة بالبيت البارالمبي مع أني كنت شاهد عيان عبر مرافقتي الوفد البارالمبي الى البرازيل عام 2016  بقدر تجسيدها واقعا معروفا عن رياضة نبيلة ديدنها البذل والعطاء برغم القحط وشظف العيش الرياضي وعنوانها الذي لم يتغير منذ انبثاق رياضة  ذوي الاحتياجات الخاصة هو النجاح الذي يستمد قواه ليس من تحدي هؤلاء الأبطال والبطلات لكوامن الذات ونظرة المجتمع القاصرة وحسب بل لأنهم قريبون من وصف خلية النحل التي تعمل وتنشط وتنتج وتبدع في عطاء بلا حدود وتثمر عن شهد حقيقي في الرياضة العراقية لا تزال رياضة الأصحاء عاجزة برغم كل ماهو متوفر لها عن بلوغه . هذه الانثيالات لها حضورها في المشهد العام البارالمبي الذي يخطط قادته ويرسمون خرائط الإبداع على وفق ما هو حاضر من إمكانات والغاية هي البارالمبياد مع إن مساحة نجاحات رياضتهم ممتدة على طوال الأعوام التي سبقت العرس العالمي في البارالمبياد , ومن هنا ومع عسر الحال ماديا والتقشف وظروف البلد ماليا وترشيد الإنفاق إلا ان تلك الموانع المادية لم تمنع اللجنة البارالمبية من العمل على وفق الإمكانات المتاحة المتيسرة  من دون أن تأكل ظروف عسر الحال من جرف التحضير والاعداد الجاد والمثابر للحدث الاخر الذي انتهى مؤخرا وهو دورة الألعاب البارلمبية في طوكيو  . والواقع ان المسؤولين في اللجنة البارالمبية قد شمروا عن سواعدهم بشكل مبكر في مطلع العام الحالي وثبتوا احداثيات خارطة طريق مفصلة تحتوي على كل تضاريس المشاركة الناجحة  في الحدث القاري الكبير في طوكيو لكن رجال البارالمبية ركزوا على ما سوف يحدث في ملاعبها الحديثة والجميلة  حيث البارالمبياد , وفي هذا الإطار وضع المكتب التنفيذي للجنة البارالمبية خطة مفصلة للتحضير والإعداد كي يكون أبطالهم بمستوى الحدث من جهة وبحجم الامال المعلقة عليهم من جهة ثانية , لتأتي النتائج كما هو متوقع باهرة برغم كل الصعاب والتحديات.