العام الدراسيّ في لبنان إلى المقصلة

آراء 2021/09/09
...

   د. نازك بدير
 أي عام دراسيّ جديد والبلد ينفتح كل يوم على أزمة مستحدثة؟ بعد مرور سنتين تقريبا على   ثورة 17 تشرين، وجائحة كورونا، وتداعياتها النفسيّة، والاقتصادية، والتغييرات التي أحدثتها في أنظمة العيش، وطرائق الحياة، والنظر إلى التفاصيل، والتوقف عند أمور كان البعض يظن أنها عابرة، ومع التدهور المفاجئ الذي شهدناه، باتت الضروريات ترقى إلى الكماليّات، والتعليم الذي أقرّته شرعة حقوق الإنسان يبدو سرابا هذا العام. 
 هنا لا نعني مرحلة دراسيّة بعينها: ابتدائيّة، متوسّطة، ثانويّة، جامعيّة، لا بل القطاع التّعليمي بأسره مهدّد.
كي تبني مواطنًا، لا بدّ من تربية، وأيّ تربية في وطنٍ تُهان فيها كرامة المرء، وتوطأ المبادئ؟ وبدلًا من مواكبة البرامج وتحديثها، نرى الطلّاب اليوم يتشرّبون دروس الفساد، وأصول التّلاعب بأموال المواطنين، وتهريبها في حقائب السّفر التي باتت حلم كلّ طالب بعد التّخرّج، هذا إن رفعنا جرعة التفاؤل، وفُتحَتْ المدارس.
شهر العودة إلى الدّراسة لا يشبه على الإطلاق السّنوات السابقة، أيلول (سبتمبر) هذا العام غريب لا يشبه أقرانه، لا شغف للعودة من قبل الطلّاب إلى المقاعد بعد أن أمعن السّاسة، على مدى العامين الماضيين، ينخرون أحلامهم. لا خطط واضحة من قبل الوزارات المعنيّة، ما يضع المتعلّم، بالدّرجة الأولى، أمام مصير مجهول. ليست الأزمة وليدة اللحظة، وكلّما مشينا خطوة باتّجاه العام الدراسي، كلّما ازداد الوضع ضبابيّة.
لعلّ ما ضاعف المشكلة هو انقطاع المحروقات، إذ في زمن التّعليم من بعد _ في العام الماضي _ كان المازوت متوفّرا، وتاليًا، تمّ التعليم أون لاين على الرّغم من الثّغرات التي حصلت، وأُجريَت الامتحانات حضوريًّا.
لكن اليوم، لا وقود. 
يعني ذلك بكلّ بساطة، أنّك لا تستطيع الوصول إلى مركز عملك، ولا الطلّاب كذلك. المازوت غير متوفّر، لا مواصلات لتؤمن النقل، لا شبكة إنترنت إلا في ما ندر، لا كهرباء. نحن لا نتحدّث عن أحد أقاليم أفغانستان، إنّما عن {لبنان في مطلع 2022}. في ظلّ هذه الظروف إذًا، تبدو إمكانيّة التّعليم من بعد_ إن بقيت كما هي من دون أي تدخّل لتحسين شروطها_ محكومة بالإعدام.
 
* أكاديميّة باحثة في الجامعة اللبنانيّة