أول الــزواج المعرفة

آراء 2021/09/09
...

  حيدر زوير
 
في القرن التاسع عشر ركزت مجموعة من العلماء على دراسة تأريخ وتطور العائلة في المجتمعات البشرية، وكان من أبرز هؤلاء العالمان باخوفن وماكلينان. وكانا يمثلان وغيرهما الاتجاه التطوري في دراسة الثقافة والمجتمع، تأثرا بمدرسة التطور البايولوجي، التي قدمت قبل ذاك بقرن من الزمان على يد هربرت سبنسر وتشارلز دارون. العامان التطوريان هؤلاء جابا ثقافات مختلفة وخلصا إلى أن العائلة مرت بمراحل تطورية مختلفة. ذروتها بحسب هؤلاء هي: العائلة المكونة من زوج وزوجة وأبناء. بينما سبقتها انواع مختلفة، ابرزها تعدد الزوجات وتعدد الازواج. ومع ظهور مدارس ناقدة للتطورية انتقلت الجهود المعرفية الى تحليل العائلة بشكل أعمق من الاهتمام بدراسة تأريخها ومراحلها. ومن أبرز هذه الجهود هو ما يتصل بعقلنة مؤسسة الزواج بوصفها الوحدة الرئيسة للمجتمع. 
أهتم علماء النفس والاجتماع والانثروبولوجيا بهذا الحقل. وصار يمكن الحديث عن {علم العائلة} وعلى يد هذا العلم انتهت الاتجاهات النظرية الشموليّة لتحليل شكل العائلة. فلم تعد الاشكال المختلفة للعائلة تمثل مرحلة متقدمة او متأخرة كما في التفكير التطوري. بل تمثل شكلا ثقافيا لكل مجتمع.. إلا أن في العائلة كما في موضوعات أخرى هنالك ما يسمى {الوحدة البشرية}. أي أن هنالك ما ينبغي أن يأخذه الرجال والنساء بغض النظر عن اختلافهم الاجتماعي كجرعة وقاية وعلاج من الامراض الاجتماعية، مثلما على كل البشر في كل مكان أن يأخذوا لقاح كورونا للوقاية من 
الجائحة.
من أبرز هذه الجرع هي المعرفة. وهي تبدأ من معرفة القرين، أي أن يعرف الشاب من يريد أن يتزوجها وهكذا تفعل الشابة. في المجتمعات الاوروبية والاميركية أتاح هذا الفكر تقاليد مختلفة بين الشباب. وهي الصحبة والمعاشرة من أجل بلوغ قرار الزواج. بينما تمنع تقاليدنا الاجتماعية والدينية مثل هذا. وتستعيض عنها بما أقل ومنها فترة الخطوبة. وهي بديل غير ناجح بسبب أن الخطوبة تتسم بطاقة عاطفية بين الشريكين تجعلهما يقدمان نفسيهما لبعض، بشكل اشبه بالمثالي. أو أنهما يؤديان هذا الدور بطريقة غير صادقة، كما تحدثنا عنه في مثال سابق.. إذا كيف تتحقق المعرفة وهي جرعة ضرورية للوقاية من أمراض الزواج والعائلة. هذا ماسنتحدث عنه في المقال المقبل.