لكل جيل.. عثراته!

الرياضة 2021/09/13
...

علي رياح  
أبدا ومطلقا، لا يمكن في أي حال من الأحوال تبرير الخسارة الفادحة التي لحقت بمنتخبنا أمام إيران، حتى لو مرّ عليها شهور بل أعوام.. الذاكرة العراقية ستحفظ لجيل الكرة الحالي هذا التردي غير المسبوق في الأداء (المُتوَّج) بنتيجة هزيلة، مثلما تختزن هذه الذاكرة مواقف تتوزع على سجل الكرة العراقية، وقد أصبحت عصيّة على النسيان حتى بعد عقود من الزمن.  
لعلّ الخسارة الثلاثية أمام مصر في نهائي كاس فلسطين 1972 بداية حزينة لهذا السجل رسميا، يوم كان منتخبنا يعجّ بالنجوم ابتداءً من الحارس ستار خلف وليس انتهاءً بعلي كاظم.  
دارت عجلة الزمن، وكانت الفاجعة الرباعية في ختام خليجي 4 أمام الكويت، يوم خاض منتخبنا المباراة وكان في علياء شأنه، حتى أن كثيرا من أهل الكرة عندنا ومحبيها يعدّون منتخب ماكلنن – برغم قسوة النتيجة - هو الأفضل في تاريخ الكرة العراقية بشكل مطلق، في الأقل من جهة غزارة النجوم التي كانت تشكل المنتخب.  
في بغداد وفي اليوم الأخير من التصفيات المؤهلة إلى دورة موسكو الأولمبية 1980، كان الانقلاب في النتيجة أمام الكويت من (2 - صفر) إلى (2-3)، سببا في حزن عميم تسببت فيه الكرة للناس، ولست في حاجة إلى المرور على تلك الكتيبة المميزة من خيرة نجوم الكرة العراقية.
تغيرت أجيال، ولكن العثرات كانت تظهر وتترك أثرها الموجع حتى في حضور جمع النجوم.. معظم الجيل الذي ذهب بنا في المرة الوحيدة إلى نهائيات كاس العالم 1986 في المكسيك، هو الذي أضاف بعد ثلاث سنوات بصمة معتمة على خارطة الحزن في التصفيات اللاحقة بتعادل أكثر فداحة من الخسارة أمام قطر في ملعب الشعب.  
الذاكرة حيّة وتختزن الوجع حتى مع النجوم الكبار.. أحرزنا المركز الرابع في دورة أثينا الأولمبية 2004، وبعد أقل من أربعة أشهر كانت الصدمة في خليجي قطر.  
حتى جيل 2007 الذي نال اللقب الآسيوي الفريد بالعزم والشجاعة والأداء الرجولي، خرج مثخنا بالجراح في خليجي مسقط 2009، وكانت في حوزته نقطة واحدة من ثلاث مباريات أمام البحرين وعمان والكويت وفي شباكه ثماني كرات.  
بين هذه المحطات، شواهد كثيرة كنا ننتقل فيها من منصة التتويج إلى الظل، واستطيع المرور على كثير مما تسببت فيه أقدام النجوم من خسارات وإخفاقات لم تكن حينها في إطار الحسبان والتوقع.. كانت العثرة تصيب العراقيين في الصميم يوم كان المنتخب العراقي في أطوار إيجابية، ولدى المدربين الذين يقودونه أدوات يفترض أنها فاعلة، تتمثل في نجوم كبار كان لهم شأنهم، فكيف يمكن أن نتصور الحال في يومنا هذا والمنتخب العراقي يخلو تماما من أي لاعب يستحق لقب (نجم) بحضوره وتأثيره واستقرار أدائه وانضباط سلوكه؟.  
حين أستدعي إلى الذاكرة (عثرات) تسبب فيها النجوم على مدى سبعين سنة أو ما يزيد، فأنا لا أفعل منطلقا من البحث عن تبرير لجيل حالي أظهر عجزه التام في الموقعة الأخيرة أمام إيران، إنما أريد التشديد على أن لكل جيل هفواته التي قد تبلغ حدود الانتكاسة.  
الفارق الوحيد والمهم في المعادلة هنا، أننا كنا في كثير من إخفاقاتنا البعيدة نرى نفحات من الأداء الذي ربما يثير قدرا من التعاطف في أنفسنا مع اللاعبين لدى وقوع العثرة، أما جيل المباراة الأخيرة، فلم يترك لدينا أي انطباع بأنه كان يلعب الكرة على أصولها قبل أن يتعرّض للخسارة على هذا النحو المفجع.. وإنه لفارق شاسع حقا!.