رسوماتٌ تحاكي الحبَّ والسلامَ ضمن مهرجان الطفولة

اسرة ومجتمع 2019/03/01
...

بغداد/ شذى الجنابي
رسومات الطفل وسيلة مهمة لتلبية حاجاته النفسية عندما لا يمتلك لغة للتعبير عن انفعالاته الداخلية المكبوتة، وانعكاس لمشاعره التي تتغير مع مراحل نموه. وقد حفلت حدائق ابو نؤاس بعشرات اللوحات الفنية في الهواء الطلق ابدعها الاطفال في (كرنفال السلام للطفولة) تحاكي الفرح والحياة بمشاركة طلبة المدارس المحلية الصغار ودور الايتام وابناء المناطق الشعبية ، اذ شاركوا بتقديم اجمل الرسومات متجاوزين كل الآثار السلبية التي خيمت بظلالها على نفوسهم خلال السنوات الماضية، و تم استعراض أعمالهم أمام الزوار والفنانين والمنظمات المدنية المعنية بشؤون الطفل والعوائل المرافقة لابنائهم .
جهودٌ كبيرةٌ
قالت رئيسة منظمة “ألق الطفولة” المهندسة فاتن عبد الاله احمد: عالم الطفولة عميق بحاجة إلى تدريبات وجهد كبير للغوص في دواخله الغامضة واكتشاف أسراره، وبامكاننا الولوج إليه من خلال الرسم الذي يخبرنا بما عجز عنه لسان الطفل لانه لغته الحقيقية بالالوان والخطوط ، والهدف من اقامة هذا المهرجان هو تطوير النمو العقلي للطفل وترقية ذوقه الفني لكي نجعله يظهر اهتماماً ووعياً أكبر بالحياة الصحية والاجتماعية، ونعمل على تغيير سلوكه إلى جوانب صحيحة وكبيرة في حياته.
 وبينت: لقد حققنا اهدافنا بتمازج الرسومات مع مختلف أشكال الفنون الاخرى منها تعليم لعبة الشطرنج من قبل احد المتطوعين المحترفين في هذا المجال وتقديم الهدايا لهم بعد تعليمهم اللعبة لكي تساعدهم على تنمية ذاكرتهم، وايضا افتتاح معرض للاطفال يشمل لوحات ورسومات من مهرجانات السنوات السابقة، ورسوماً مختلفة طبعت على وجوه الاطفال، وحفل تضمن مقطوعات موسيقية والعاباً رياضية ومسابقات للاطفال والقاء القصائد لتشجيعهم على الابتعاد عن التكنولوجيا التي تسببت بالاساءة اليهم بجلوسهم لفترات طويلة امام الشاشات الذكية.
 واكدت عبد الاله مساهمة الصغار في اقامة مشهد فني يخاطب جميع الشرائح الاجتماعية، لذلك أحتل الأطفال مكانة مهمة على قائمة أولوياتنا وبذلنا قصارى جهودنا من اجل تعزيز الثقافة الفنية لديهم . 
واختتم المهرجان بتوزيع الجوائز والهدايا على المشاركين لتشجيعهم على الاستمرار بالمشاركة في المهرجانات المجتمعية القادمة .
 
قصصٌ كارتونية
عندما يحرك الطفل قلمه يظن أنه يرسم كما يفعل الكبار، لكن حقيقة خطوطه وألوانه ترسم ملامح الواقع الذي يعيشه، اذ تمسك الطفلة مريم علي / 9 سنوات / الثالث الابتدائي ؛ بالورقة والألوان وتحاول أن تثبت بانها تجيد الرسم ، وقد قامت بتحويل رسوماتها التي اتخذتها من الأطفال كشخصيات في مخيلتها إلى قصص كارتونية. ؛ وتقول : امي تساعدني وتعلمني رسم الوجوه الكارتونية فانا من المتابعين لافلام الكارتون ، واحب اللون الازرق واحدد به رسوماتي ، وسألناها عن عشقها لهذا اللون ، فاجابت بابتسامة ، لون جميل يشبه البحر والسماء.  
بينما تحتار شقيقتها التي تقف بجانبها في اختيار اللون الاخضر بدرجاته؛ وهي فاطمة علي / 10 سنوات / الرابع الابتدائي ؛ وتقول : ارسم حديقة منزلنا المليئة بالاشجار الخضراء، ونجد معظمها في اسفل الصفحة تاركة فراغاً كبيراً في الاعلى لترسم الغيوم والمطر ، وتؤكد بابتسامة بانها تنتظر دائماً سقوط الامطار لانها تحب هذه الصورة في الطبيعة .
 
رفض العنف
الطفل مهدي حماد / 10 سنوات / الرابع الابتدائي، يحب مزج الالوان، مرة يختار الاصفر، وتارة يأخذ الاحمر ، يقول: احب رسم القطط واشكالها واحجامها وبالوانها المختلفة ، لانني مولع بقطتي ( ساندي) وانتظر ولادة صغارها بفارغ الصبر . 
اما اصغر طفلة بين المشاركين في المهرجان هي رقية مؤيد / 4 سنوات / التي تتميز بذكائها وقد تعلمت الرسم من والدها كونه فناناً تشكيلياً يقف بجانبها يراقب الخطوط التي ترسمها، وسألناها عن ما تحتويه الصورة ، قالت: ارسم طفلة تتألم من شدة ضرب ابيها ، وقد جسدت في لوحتها واقع العنف ضد الطفولة الذي رفضته نهائياً خاصة وانه بات منتشراً كثيراً في الاونة الاخيرة وهي بلوحتها تلك تتعاطف مع جميع الاطفال المعنفين وتبعث لبعض الاباء رسالة واضحة عن اخطائهم التي لايشعرون بها حينما يقدمون على فعلها بحق اطفالهم .
 
التعبير عن مشاعره
من الحضور تحدثت الينا ضاحكة وهي تراقب حركات ايدي الاطفال في الرسم، الباحثة النفسية رضاب تحسين رئيسة منظمة الرحمة لرعاية الطفولة، وتقول : الطفل يرسم ليعبر عن مشاعره وانفعالاته ودمجه مع الأشياء التي يحبها والقريبة من نفسه، لذلك تبرز نوعية الخطوط في الرسم إذا كانت مستقيمة أو منحنية، رفيعة أم غليظة. مثلا الخط الخفيف يكون مؤشراً على وجود مشاكل مع افراد اسرته، والغاء الخطوط يدل على وجود مخاوف يعاني منها ، ويحاول إلغاء الأشخاص الذين يشكلون له الإزعاج، اما الالوان المستعملة لديه فكل واحد منها له دلالة خاصة في نفسه، اما غيابها فانه يوحي بفقدان العاطفة، واستخدامها بشكل قليل يدل على رغبته بالانعزال ومخاوفه من اقامة العلاقات مع الاخرين، فضلاً عن اختيار الاشكال والقصص التي تعني وجود افكار واحاسيس في داخله لا يستطيع اخراجها سوى بالرسم. 
فيما اكدت رئيسة منظمة السلامة للاغاثة والتنمية المستدامة سلامة المعموري : بانه مهرجان جميل ويحمل مغزى مهماً لدى الاطفال ، اذ يهدف الى ابراز  الجوانب الإبداعية لهم وتشجيعهم على تنمية واكتشاف قدراتهم ومواهبهم ، وشددت على أهمية لفت الأنظار إلى جميع الأطفال وخصوصاً الايتام والنازحين لنشر السلام والمحبة من خلال رسوماتهم البسيطة.