بغداد : شذى الجنابي
بعد انتهاء الانتداب البريطاني على العراق ودخوله الى عصبة الامم في 3 تشرين الأول من العام 1932، عدّ هذا التاريخ "اليوم الوطني للبلاد" واستمر ذلك الى سقوط الملكية وقيام الحمهورية الأولى في ثورة 14 تموز 1958 ليكون اليوم الوطني المعتمد،إلا ان ذلك لم يستمر طويلاً بعد نجاح انقلاب 17 تموز في العام 1968 اذ اصبح الانقلاب يمثل اليوم الوطني، وأخيراً اختار مجلس الوزراء الحالي برئاسة مصطفى الكاظمي (3 تشرين الأول) من كل عام عيداً وطنياً، وهو يأتي هذا العام مع قرب إجراء الانتخابات المبكرة وسط تفاؤل بإحداث تغييرات نوعية في صميم العملية السياسية.
في هذا الصدد قال الباحث السياسي د. هيثم الخزعلي: إن "89 عاماً مرت على استقلال العراق ودخوله الى عصبة الأمم المتحدة وانتهاء الانتداب البريطاني، اليوم الوطني الذي يعد نقطة تحوّل في تأريخ البلاد على المستوى السياسي والاجتماعي للبلد، بعد رحلة طويلة من الكفاح والنضال لمملكة شعب العراق آنذاك، إذ استمرت 12 عاماً وانتهت بإعلان مجلس عصبة الأمم في 3 تشرين الأول 1932، بقبول العراق عضواً فيه، لينال بذلك استقلاله ويتحرر من الانتداب البريطاني المفروض عليه منذ عام 1920".
وأضاف، "لأول مرة يحتفل العراق بذكرى الاستقلال بعد انتهاء الحكم الملكي ونجاح ثورة 14 تموز 1958، ليتم تعطيل الدوام الرسمي في البلاد، بعد أن أقر ذلك مجلس الوزراء برئاسة مصطفى الكاظمي العام الماضي، اعتبار يوم 3 تشرين الأول، يوم الاستقلال، والعيد الوطني الرسمي لجمهورية العراق" .
نظام سياسي شرعي
وفي الشأن ذاته أشار المحلل السياسي والقانوني د. جاسم الموسوي الى ان"هذا التاريخ حدث في زمن نظام سياسي له شرعية، وهو النظام الملكي الذي كان يحكم العراق ويمنحه حق القبول والتصرف بكل ما يتعلق بسمعة العراق وعلاقاته الخارجية والداخلية، ومن جانب آخر يعد يوما يعتز به جميع العراقيين والسياسيين وحتى القوى المتناقضة وهو يوم إعلان (استقلال العراق) وخروجه من تحت الانتداب البريطاني وانضمامه الى عصبة الأمم المتحدة التي سجل للعراق فيها رقم
متقدما".
وأضاف، "باعتقادي أن الأهم من ذلك، هو سقوط كل من يعارض أو يحاول المعارضة على هذا التاريخ لخروج الاحتلال واستقلال العراق، وتابع الموسوي: "كانت نسبة قبول الشعب للنظام السياسي السابق عالية جداً، لاسيما أن المخالفين للنظام آنذاك كانوا يختلفون على نقاط محددة وليس على جوهر القضية أو على معتقد سياسي قد يمضي الى معادلة تصل الى (الصفر)، وأن الاحتفاء بتأسيس الدولة العراقية أو العيد الوطني يعد نقطة التقاء لجميع الأطراف بعيداً عن أي معارضة لهذا التاريخ
الوطني".
تسييس المناسبات
من جانبه، أكد الكاتب حسين الحمداني أنه "في جميع دول العالم هناك عيد وطني عادة ما يكون يوم الاستقلال، ولكن في العراق غاب هذا اليوم من (الروزنامة العراقية) بحكم ما يمكن تسميته (تسييس المناسبات) حيث شهدت كل حقبة تاريخاً مختلفاً عن سابقتها أو التي تليها، وكان 14 تموز 1958 في الجمهورية الأولى ثم الى 17 تموز، وهذا ما يؤكد محاولة تغييب التاريخ الحقيقي للعيد الوطني العراقي، وهو يوم 3 تشرين الأول 1932 وهو يوم (استقلال العراق) وخروجه من مرحلة الانتداب البريطاني إلى الدولة المستقلة". وبين أن "هذا اليوم يعد من أبرز إنجازات المرحلة الملكية والتي سعت إلى هذا الأمر بشكل كبير، وبهذا الاستقلال كان العراق الدولة رقم (57) التي تدخل عصبة ألأمم المتحدة، وهو حدث مهم جداً حيث كانت أغلب الدول آنذاك خاضعة تحت وصاية الدول
العظمى".