بغداد: هدى العزاوي
جراء رغبة قيادات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تحقيق مراكز متقدمة في مراتب التصنيف العالمي للجودة والنشر، سعت الوزارة الى دفع أصحاب الشهادات العليا لطرق أبواب دور النشر والمجلات المحكمة العالمية، وجعلت لها امتيازات سواء في معاملات الترقية العلمية، وصولاً الى عدم منح درجة "الامتياز" إلا للطالب الذي ينشر بحثاً مستلا من أطروحته أو رسالته في تلك المجلات.
ولكون أغلب باحثينا من المستجدين في مجال النشر بالمجلات العالمية المحكمة، وقع كثير منهم في فخاخ ما يسمى بـ"المجلات المفترسة" التي تبحث عن الربح المادي، وبعضهم نال اللقب العلمي بهذه المجلات، وبعضهم تورط وفتكت به، فعندما ينشر ويدفع المبالغ المالية التي تصل الى أكثر من (ألف دولار) تخرج هذه المجلة وهيئة تحريرها "الوهمية" أو تلك من التصنيف لأنها خرقت بنود الاعتمادية كمجلة محترمة، أو أنها لأسباب علمية وفنية قد أقصيت من لائحة مجلات "سكوباس".
وبهذا الشأن، أوضحت عميد كلية التربية الأساسية بالجامعة المستنصرية الدكتورة إيمان عباس علي الخفاف، في حديث لـ"الصباح"، أن "هناك الكثير من (المجلات المفترسة) التي يقع ضحيتها الطالب والتي تتسبب بخسارات مادية، إضافة الى خسائر الأستاذ المادية والبحث إذا ما تأكد بأن هذه المجلة من (المجلات المفترسة) التي خرجت عن التصنيف فضلا عن الترقية العلمية".
وبينت أنه "حتى لا يقع الطالب أو الأستاذ فريسة لتلك المواقع الوهمية أو المخادعة؛ يجب أخذ اسم المجلة التي يرغب النشر بها والتأكد من دخولها ضمن التصنيف العالمي".
من جانبه، أوضح مسؤول الشؤون العلمية في كلية التربية الأساسية بالجامعة المستنصرية الدكتور علاء عبد الحسن حبيب لـ"الصباح"، أن "(المجلات المفترسة) هي المجلات ذات النظام المفتوح واطئة الكلفة مقارنة بالمجلات العالمية الرصينة التي تصل أسعارها من 1000 الى 1500 دولار، فيما تكون تكلفة المجلات الواطئة أو ذات النظام المفتوح من 200 الى 400 دولار".
وأوضح أنه "لمعرفة إذا ما كانت هذه المجلة (مفترسة) أم لا؛ تم تحديد 52 معيارا من قبل مدير (مجلة الاتصالات) وقام بنشرها عام 2008 ومن ثم تم رفعها عام 2018 لأسباب غير معلنة، وكان الباحث يستطيع من خلالها معرفة (المجلات المفترسة) ومن ضمن مواصفاتها (النشر بشكل مباشر وخلال 72 ساعة) وهذا غير متوفر بالمجلات الرصينة التي تحتاج الى نحو ستة أشهر للنشر، إضافة الى وجود بعض العناوين المتشابهة، وكذلك عناوين مدير تحرير المجلة غير مكتملة وهذه إشارة الى وجود اشكاليات في هذه المجلة".
وبين أن "المشكلة التي يقع ضحيتها الأستاذ أو الباحث بأن هذه المجلات داخلة ضمن لائحة (سكوباس) العالمية ومن ثم تخرج عن التصنيف العالمي لأسباب منها بأن (يحوي البحث على استلال واقتباس كبير يدل على السرقة العلمية) وبسبب هذه الإشكاليات تخرج هذه المجلة عن التصنيف، وهنا أيضاً يقع اللوم على المجلة التي لم تدقق البحث قبل نشره".
وأكد حبيب لـ"الصباح" أن "نسبة 27 % من المجلات المفترسة في الهند وماليزيا، لذا ننصح الباحثين بالابتعاد عن هذه المجلات والاتجاه الى المجلات العالمية الرصينة الأميركية والبريطانية ".
وأشار إلى "وجود لجنة فحص للطالب في حال النشر في (سكوباس) ويتم فحص المجلة من قبل اللجنة، أما بالنسبة للأستاذ فلا توجد لجنة وهو من يبحث إذا ما كانت المجلة رصينة أم لا، وهنا خسارة الاستاذ خسارة مادية إضافة الى خسارة البحث إذا ما تم نشره في (مجلة مفترسة)، إضافة الى عرقلة الترقية العلمية التي تعتمد على نشر هذه البحوث"، وبين أن "هناك توجها من قبل الوزارة لحل هذا الموضوع خصوصاً ما يمر به الباحث أو الطالب من إشكاليات إذا ما خرجت المجلة عن التصنيف، وذلك عبر تشكيل لجنة الرصانة العلمية لفحص عناوين المجلات التي
يقدمها الأستاذ".
وتمنى حبيب أن تقوم "وزارة التعليم العالي والبحث العلمي- دائرة البحث والتطوير بدعم المجلات المحلية العراقية والسعي لإدخالها ضمن منصة البحوث العالمية الرصينة".