الحماية القانونيَّة للمناخ في العراق

آراء 2021/10/26
...

 باسم محمد الفضلي                           
 
الاحتباس الحراري مصطلح مناخي يتمثل بارتفاع تدريجي في درجة حرارة الطبقة السفلى القريبة من سطح الأرض (التربوسفير). ولم يفت المشرع الدستوري النص على قواعد عامة لحماية البيئة، من ذلك ما نصت عليه المادة (33) منه {لكل فرد الحق في العيش في ظروف بيئية سليمة}، وألزم الدولة حماية النظام البيئي والتنوع الإحيائي والحفاظ عليهما. 
أما بشأن قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009،  فلم يشر بشكل صريح لتغيرات المناخ، ولكن عدم الإشارة لا يمنع من الاتكاء على مضامين بعض النصوص، كما في الفقرة (5) من المادة (2) التي عرفت البيئة بأنها {المحيط بجميع عناصره الذي تعيش فيه الكائنات الحية والتأثيرات الناجمة عن نشاطات الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية}. 
ثم بين في الفقرة (6) عناصرها. وإن من شأن النشاطات البشرية ان تتسبب بوقوع كارثة بيئية تعجز الدولة عن مواجهتها كما بينت ذلك الفقرة (14) من المادة (2). 
ولا يتحقق الهدف إلا من خلال التنمية المستدامة كما نصت الفقرة (16). ونلحظ أن المشرع أورد في الفصل الرابع من القانون أحكاما عامة للبيئة. وخصص بعد ذلك أحكاما خاصة شملت حماية المياه كما في المواد (14، 15، 16، 17، 18). ولكنه لم ينظم قواعد تتعلق بالمشكلات المناخية وما ينجم عنها مستقبلا. 
أما بشأن الطاقة المتجددة، فنلحظ المشرع العراقي قد أورد تعريفها في الفقرة (19) من المادة (2) وهو تعريف يتماشى مع متطلبات الرؤية الدولية العالمية للتغيرات المناخية. 
إذ يمكن اللجوء الى بعض القواعد الدستورية التي حثت على إصلاح الاقتصاد الوطني وفق الأسس الحديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتنميتها كما بينت ذلك المادتان (25 ،26) من الدستور النافذ. ويشمل هذا التطوير بطبيعة الحال الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة. 
وبشأن قانون الصحة العامة رقم 189 لسنة 1981 المعدل لم ينظم المشرع ايضا قواعد خاصة لمواجهة التغيرات المناخية واكتفى بالنص على الاشارة العامة لحماية البيئة في الفقرات (8، 9، 10، 14). 
أما بشأن اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ فقد انضم العراق إليها بموجب القانون رقم 7 لسنة 2008. 
وبينت الاتفاقية في الفقرة (1) من المادة (3) أن الاطراف ملتزمة بحماية النظام المناخي، وبينت الفقرة (3) منها على أنه تأخذ الاطراف تدابير وقائية، وتعزيز التنمية المستدامة وبناء اقتصاد دولي مساند تفرضه تغيرات 
المناخ. 
بمعنى أن العراق سيكون ملزما بهذا المسلك العالمي وإلا سيتحمل مسؤولية دولية. وبينت الفقرتان الفرعيتان (و، ز) من الفقرة (1) من المادة (4) من الاتفاقية للدول الأطراف الالتزام باتباع نهج يراعي النظام المناخي والتأكيد على البحوث العلمية التكنولوجية، وإتاحة المعلومة للجمهور كما جاء في الفقرة الفرعية (2) من الفقرة (أ) من المادة (6) من هذه الاتفاقية، وهو أمر يتماشى مع نص الفقرة (3) من المادة (34) من الدستور العراقي النافذ. 
أما بشأن اتفاق باريس للمناخ فقد انضم العراق اليه بموجب القانون رقم 31 لسنة 2020. وبذلك اصبح طرفا في الالتزامات الدولية. ويرمي الاتفاق كما نصت المادة (2) منه إلى الابقاء على ارتفاع متوسط الحرارة العالمية في حدود أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية. 
ونصت الفقرة (4) من المادة (4) على منح الريادة للدول الاطراف المتقدمة في إدارة الملف. ونصت الفقرة (4) من المادة (6) على آلية التخفيف. وبينت الفقرة (2) من المادة (7) أهمية الوصول إلى مستوى التكيف رغم خطورته 
وابعاده. 
وبموجب الفقرة (1) من المادة (8) تعترف الدول الاطراف بالخسائر التي تسببها تغيرات المناخ، وبموجب الفقرة (7) من المادة (9) تلتزم الدول المتقدمة الأطراف بتقديم دعمها للدول النامية الأطراف. 
وحثت المادة (10) على أن لا تكون تكنولوجيا المناخ حكرا على الدول المتقدمة بل يجب أن تتقاسمها الأطراف كافة. كما نصت المادة (12) على التعليم والتدريب والتوعية العامة. 
وبموجب الفقرة (5) من المادة (13) سيكون العراق ملزما بتقديم معلومات لمعرفة مدى التقدم المحرز. وبموجب المادة (14) سيتم استخلاص حصيلة التنفيذ العالمية لتقييم التقدم الجماعي المحرز طويل الأجل. 
وسيتم عرض اول عملية استخلاص للحصيلة العالمية في عام 2023. ولذلك نوصي في دراستنا بما يلي: 
1 - تشريع قانون وطني خاص بالمناخ وخفض الانبعاثات. 
2 - اتخاذ اجراءات عاجلة لمواجهة التغيرات المناخية التي قد يشهدها العراق والتي قد تتسبب بحالة لجوء بيئي لسكانها مستقبلا. 
3 - اصدار تشريعات لتنظيم التحول القهري الحتمي من الاعتماد على الطاقة الأحفورية الى الطاقة البديلة. 
4 - إدخال التكنولوجيا الحديثة الخاصة بالمناخ. 
5 - إلزام الوزارات المعنية باتخاذ إجراءات لمواجهة التغيرات المناخية. 
6 - إلزام الجهات المعنية بتقليص المساحات الجرداء وتحويلها الى مساحات خضراء. 
7 - الاسراع بإنشاء غابات من النخيل والأشجار لمواجهة ارتفاع حرارة الكوكب ونتائجه الضارة الأخرى. 
8 - تنفيذ مشاريع للطاقة البديلة للفترة من 2021 الى 2030 واستغلال هذه الفترة الزمنية في تنفيذ مشاريع محطات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومشاريع زراعية حتى يكون العراق مهيَّأً للالتزامات الدولية التي ستكون اشد صرامة للفترة (من 2030 الى 2050). 
9 - التقليل من الاعتماد على النفط بسبب استعداد العالم للتخلي عنه.  
10 - وجوب وصول المعلومة المناخية لجميع الأفراد. 11 - عقد اتفاقيات مع الدول المتقدمة وعلى رأسها الصين للقيام بتعاون ثنائي متكامل يعنى ببناء منظومة اقتصادية تحمي 
العراق بيئيا.