ثقافة شعبيَّة

الرياضة 2021/10/28
...

علي حنون
أمست الرياضة، في ظلِّ العولمة الفكرية والسلوكية التي حوَّلت العالم إلى قرية صغيرة، تُسمع فيها صرخة طفل في أرجاء المعمورة، أمست أحد أركان الشأن العام بتباين وتنوع أطيافه، إذ أصبحت فعالية كرة القدم على سبيل المثال أحد أوجه مُعادلة مُداعبة مشاعر الجماهير من قبل القادة والساسة ومن بيدهم أمر الرعية، لذلك كثيرا ما يعتقد بعض الوجوه السياسية أنه يُمكن من خلال دعم الرياضة عموما وكرة القدم موضوع إشارتنا تحديدا، الحصول على الملاذ، الذي (يستجيرون) به هربا من (لظى) الضغوطات السياسية وطلبا لود الرأي العام من جانب (المدورة الساحرة) في حال تطلب الأمر.
ولأنَّ لعبة كرة القدم، أمست كفة ثقيلة بحضورها وشعبيتها في ميزان المُتابعة والاهتمام من قبل الجميع، فقد أضحى شعبنا يُمثل قاعدة كبيرة لفريقنا الوطني، الذي هو عنوان كرة القدم العراقية، وهو لذلك (أي الشعب) تراه يرتكز في طروحاته على ثقافة تقييم يُشار لها نظير تعاطيه بدقة مع فواصل اللعبة وفقرات قانونها، وغالبا ما نرى بين الجماهير نقادا غير رسميين يمتلكون من المعلومة الشيء الكثير ويتحصنون بمعلومات ثقافية ثلاثية الأبعاد تُعينهم في مُمارسة النقد الفني، والذي يتسنى له الاستماع إلى آراء جل جماهير منتخبنا الكروي خلال اللقاءات الدولية، يصل إلى قناعة تُؤكد دقة تأشير العديد من الوجوه التشجيعية لمواطن الخلل بسلاح مداده المُتابعة والحرص على تثقيف الذات في جانب التمكين من تحديد أطر لوحة الدعم المعنوي والمُؤازرة.
ووقفة عند تفاصيل رصدتها عينة من جمهورنا ودوّنتها في سجل رؤيتها كملاحظات للقاءات منتخبنا الأخيرة في التصفيات الحاسمة المُؤهلة لمونديال الدوحة، ولاسيما تداعيات مواجهته للإمارات، نقف جميعا على يقين، بثقافة جماهيرنا في جانب التقييم المنطقي وإن كان في بعض حدوده مُزداناً بألوان العاطفة الوطنية، إلا أنه في الإطار العام سجل رصدا يعكس إلماما واضحا بعملية التقييم، وعند استماعك لآراء الشارع الكروي، تُدرك أمرا مفاده أنَّ الجماهير وضعت يدها على مكامن الخلل في أداء تشكيلتنا، التي لم تظهر مع تدني النتائج، بالمستوى المطلوب.
ولعل أبرز ما دونت أجندة المتابعة الجماهيرية للمقابلة هو التذبذب في الأداء بين اللاعبين وعدم الاستعانة بجمل (تكنيكية) تُؤدي إلى توافق مطلوب في تنفيذ المنهاج (التكتيكي)، كما وجدت الجماهير أنَّ بعض الأسماء باتت نجوما بماضيها بينما خلا حاضرها من العطاء الفني الجيد، وإلى جانب ذلك، فإنَّ المتابعين أضحوا يعون أنَّ الأسلوب، الذي وضعه المدرب ادفوكات، بدا لا يتناسب والإمكانيات الفنية للاعبين وعليه فإن تغيير الفلسفة الأدائية صار لزاما من أجل إصابة واقع مُغاير في المُباريات المقبلة.
ومع إقرارُها، بأن النقطة، التي خرج بها منتخبنا من لقاء الإمارات، لا تُمثل إخفاقة بالنتيجة، إلا أنَّ جماهيرنا تُشكل على لاعبينا أنهم أخفقوا في المحافظة على فوز كان قريبا منهم، وسماحهم في دقائق عديدة من زمن المباراة للفريق المُقابل بفرض حضور ناجح، وهو ما يعكس حالة عدم الانسجام الفني ما بين قدراتهم والأسلوب، الذي وضعه لهم المُدرب الهولندي.