تحديد الهوية الاقتصادية للعراق امامها منعطفات عدة، الا ان بعد الانتصار الكبير على داعش، منحت فرصة جديدة ومهمة لتغيير المسار وتحديد هوية واضحة، ولتحقيق اعادة اعمار المناطق المحررة والتنمية الاقتصادية المستدامة لابد من التوجه لهذا
الامر.
ان اهتمام المؤسسات الدولية، واعادة النظر بالسياسة المالية العامة للدولة، هي احدى ركائز السياسة الاقتصادية ونتاجها، والتي تعتبر من الشروط الاساسية لتصحيح المسار الاقتصادي وتحديده بوضوح.
بات حتميا تحديد هوية واضحة للاقتصاد العراقي وتحديد ستراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ووضع الخطط اللازمة لتنفيذها وفق جدول زمني، وتحديد مسؤوليات التنفيذ، والمتابعة والرقابة على تنفيذها، وان الخطة الخمسية التي تم وضعها قد تبنت توجه اقتصاد السوق الاجتماعي، والتي يؤشر انها السياسة الاقتصادية الاكثر انسجاما مع متطلبات الدستور العراقي وتوجهاته في استخدام اسس اقتصادية حديثة، وبمقدورها تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة .
مازالت المؤشرات المالية للبلاد تبين اعتماد العراق على ايرادات النفط او التوسع فيها لتغطية النفقات العامة وهو مورد غير مضمون مما يقتضي اصلاحا ماليا جذريا جديدا في تركيب لايرادات
العامة.
وبما ان القطاع المالي يمثل محورا مهما في العمل التنموي الذي لابد ان يستند الى هوية اقتصادية محددة، جاءت الفرصة للتصدي الى المصاريف والنفقات الحكومية غير الضرورية ابتداء من الدعم وامتداده لغير مستحقيه وانتهاء بالاوعية الضريبية المتهربة التي تراكم دخول وثروات بعيدة عن نطاق المالية العامة واهدافها الاجتماعية
والاقتصادية.
وهنا لاخيار امام السياسة المالية للبلاد سوى التعزيز المالي في الامدين القصير والمتوسط وتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل الوطني عبر برامج انمائية في الامد البعيد، لذلك باتت الحاجة الى تعظيم موارد الموازنة العامة غير النفطية تتطلب ادراكا للعوامل الاقتصادية
الموضوعية.
وتحديد الهوية يتطلب ان "يكون لنا تحليل دقيق يهدف الى مقارنة تكاليف المشروعات بالعائد منها لتحديد أي من هذه المشروعات أكثر ربحية من وجهة نظر المجتمع أو من وجهة نظر المستثمر، فالتحليل الاقتصادي يستهدف الحكم على قدرة المشروع كوحدة اقتصادية على التأثير في الاقتصاد القومي، أي أنه ينظر من وجهة نظر المجتمع
بمجموعه".
أما التحليل المالي فيستهدف الحكم على قدرة المشروع كمنشأة تجارية على مواجهة الالتزامات المالية الملقاة عليه، أي انه ينظر من وجهة نظر المستثمر فقط، أما التحليل الفني فأنه يخضع إلى نفس مبادئ التحليل المالي والاقتصادي مع مقارنة التكاليف المنظورة بالعوائد غير المنظورة والتي يمكن حسابها وتحويلها إلى عوائد منظورة باستخدام أساليب
معينة وحسب طبيعة العمل.
وان الحديث عن تحديد هوية الاقتصاد العراقي يعني ايجاد حلول لمجمل التحديات التي يعانيها الاقتصاد الوطني، وجزء منها الشركات الصناعية التي تعالت الاصوات بشأنها ونادت بتبني عملية تحويل الشركات المملوكة للدولة الى شركات مساهمة احد اساليب الشراكة بين القطاعين العام
والخاص وأحد أساليب الخصخصة ورغم ذلك نجد في الأدبيات التي درست الموضوع بان هناك اختلافا في تعريف كل منهما.
وإستناداً الى تعريف البنك الدولي للخصخصة فهي بيع أصول الشركات العامة الى القطاع الخاص. أما التحول الى الشركات المساهمة فهو إن هيكل الملكية في الشركة المتحولة سيكون متعدداً بإحتوائه على أطراف من خارج القطاع العام كمالكين
لأسهمها.