بغداد: أحمد الفرطوسي
عندما كان الطفلان احمد وعلي يقفان عند تقاطع مركز المدينة لغرض مسح زجاج السيارات حين توقفها عند الاشارة الضوئيَّة، كان سائق السيارة الصالون يقف ليحدثهما عن كيفية عملهما بينما كان زميله يفتح كاميرا الموبايل ليصورهما وهما يتكلمان بتلقائية عن معاناتهما في اعالة أسرتيهما وعدد افرادهما وحتى اسماء بعض افراد الأسرتين دون أن يعلم الطفلان انهما سيتم نشر حديثهما وصورهما على صفحات التواصل الاجتماعي دون موافقتهما أو علمهما مما عرض الأسرتين لأضرار اجتماعية قد تفوق ما يجنيه هذان الطفلان لاستحصال لقمة العيش.
الامر الذي من شأنه أن يعرِّض الشخصين اللذين قاما بالتصوير والنشر لعقوبات وفق المادة 438 من قانون العقوبات العراقي، حيث أكد الباحث القانوني حسين المولى من المركز الاعلامي الرقمي أنَّ القانون يمنع تصوير المواطنين دون علمهم، وحذر المركز من نشرها على صفحات التواصل الاجتماعي معتبرا الامر أصبح "ظاهرة".بينما يحدثنا المواطن عقيل ناجي (احد اسرى حرب الخليج) أنه يعشق الفنان السعودي محمد عبده ويردد اغانيه باستمرار في المقاهي والجلسات الخاصة منذ تسعينيات القرن الماضي، الا انه تفاجأ بانتشار صفحة باسمه على موقع التيك توك ولديه اكثر من 12 الف متابع.ويعبر ناجي عن انزعاجه من ظاهرة تصوير كل ما يقال بدون علم الشخص المعني وعدم احترام خصوصيات المجتمع، حيث نشاهد مراهقين ينشرون يوميات اهلهم بصورة مستمرة عن اكلهم وشربهم وممتلكاتهم وعمل اولياء امورهم وهذا بحد ذاته جريمة يجب أن يعاقبهم عليها القانون. وكان المركز الاعلامي الرقمي قد اوضح في وقت سابق أنَّ هذه الظاهرة في تزايد كبير لاسيما تصوير الاطفال وكبار السن والراقدين في المستشفيات حيث يجري تصويرهم دون علمهم . وأضاف أنَّ تصوير الاطفال على وجه الخصوص وجعلهم يتحدثون عن اشياء مجهولة بالنسبة لهم تترتب عليه عقوبات قانونية في كل دول العالم وهو امر مرفوض وظاهرة يجب الحد منها . من جانبها، تذكر لنا مريم الجابري ناشطة في مجال حقوق الانسان أنَّ "تزايد حالات الابتزاز الالكتروني في معظم محافظات العراق جراء استخدام الموبايل ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاطئ من قبل المراهقين والشباب" . واضافت الجابري، "لجأ بعض المتضررين إلى القضاء لحماية خصوصياتهم، وجلس اخرون عشائريا مع ذوي المتسبب بالحالة والزموهم بدفع تعويض مادي ومعنوي، كما نتمنى أن تكون هناك هوية مثبتة لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تستطيع الجهات المعنية من خلالها الوصول إلى الشخص المتسبب بسهولة وعدم ترك الصفحات الوهمية على منصاتها".
وأكد الباحث القانوني حسين المولى أنَّ "المادة 438 تنص على العقوبة بالحبس او الغرامة او كليهما لكل من نشر بإحدى الطرق العلانية اخبارا أو صورا أو تعليقات تتصل بالأسرار الحياتية الخاصة بالأسرة أو الافراد اذا كانت من شأنها أن تسيء لهم حتى لو كانت صحيحة". ونوّه المولىبأنَّ "صفحات التواصل الاجتماعي تدخل ضمن طرق العلانية مطالبا القانون العراقي بإعادة النظر في هذا القانون وتوسيع نطاق النص ليواكب التطور الاجرامي الذي يحصل في العالم الرقمي".