بغداد: طارق الاعرجي
توقع خبراء في مجال الطاقة أن تستقرَّ الأسعار العالمية للنفط عند مستوى 80 دولاراً للبرميل، وبينما قللوا من تأثير قرار الولايات المتحدة الأميركية السحب المشترك مع دول عدة من احتياطياتها الستراتيجية من النفط، أكد الخبراء النفطيون أنَّ عامل استقرار الأسعار يعتمد في الوقت الحالي على مدى صلابة موقف مجموعة "أوبك +" بوجه الضغوط الأميركية لزيادة الانتاج فضلا عن عوامل أخرى.
وقال وزير النفط الأسبق الدكتور ابراهيم بحر العلوم في حديث لـ"الصباح": إنَّ "سحب جزء من الاحتياطيات النفطية من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول لن يؤثر في الأسعار العالمية، لأنها لم تلبِّ متطلبات السوق"، متوقعاً "استقرار أسعار النفط على مستوى 80 دولاراً للبرميل".
وأضاف أنَّ "الولايات المتحدة الأميركية طالبت دول (أوبك +) بزيادة الإنتاج، إلا أنَّ الأخيرة قررت الإبقاء على الزيادة المتفق عليها والبالغة 400 ألف برميل يومياً، وهذه الكمية لا تلبي حاجة السوق"، وتابع أنَّ "الولايات المتحدة وكإجراء آخر عمدت إلى سحب جزء من احتياطياتها الستراتيجية النفطية وطالبت عدداً من الدول باتخاذ نفس هذا الإجراء، إلا أنَّ الكميات التي طرحت في الأسواق لا تسد الحاجة"، مؤكداً أنَّ "الحاجة للنفط وتذبذب أسعاره سيستمران طالما (أوبك +) لم تدفع باتجاه زيادة الإنتاج لاسيما العراق والسعودية وروسيا".
وأكد أنَّ "الولايات المتحدة الأميركية والدول الصناعية تحاول الضغط باتجاه زيادة إنتاج النفط، وهذا الأمر منوط بمدى صمود دول (أوبك +) تجاه هذه الضغوط"، متوقعا استمرار تذبذب الأسعار العالمية للنفط مع الحرص على إبقائه ضمن سقف 80 دولاراً".
وشدد وزير النفط الأسبق على أنَّ "توجه الولايات المتحدة والدول الصناعية تجاه المحافظة على المناخ واعتماد الطاقة النظيفة بدل النفط، أدى إلى قلة الاستثمارات بهذا القطاع، وللمفارقة وبنفس الوقت تطالب أميركا والدول الصناعية الدول المنتجة للنفط بزيادة الانتاج لتلبية حاجة تزايد الطلب مع اقترانه بموسم الشتاء".
من جانبه، أكد مدير شركة "سومو" السابق الخبير الدكتور فلاح العامري لـ"الصباح" أنَّ "العالم يمر الآن بأزمة نقص في الطاقة ولاسيما الغاز، وتراكمت الأزمة نتيجة عوامل وتفاصيل معقدة تتحكم بالطلب والعرض على الطاقة وأسعارها، ولكن النفط يعد المحرك الرئيس ويتصدر الواجهة من الناحية السياسية".
وأضاف أنَّ "دول (أوبك +) منذ أن طلب منها الرئيس الأميركي زيادة إنتاجها لسد حاجة السوق العالمية، لم تستجب لهذا الطلب كونها تعتقد أنَّ السوق العالمية تمر بأزمة وقتية تكونت نتيجة نقص الغاز الذي حدث نتيجة خلافات بين روسيا وبعض الدول الأوروبية التي تمر بها أنابيب النفط والغاز الروسي إلى أوروباـ والذي سبب انخفاض كميات الغاز المتدفقة إلى أوروبا خلال عام 2021، كذلك فإنَّ العالم يمر بفصل شتاء قارص، فضلا عن عودة النشاط الاقتصادي العالمي وخاصة قطاع النقل بعد تخفيف إجراءات الغلق العام نتيجة جائحة كورونا".
وأكد أنَّ "أسعار النفط هي حصيلة عوامل عدة تؤثر في أساسيات السوق (العرض والطلب)، والاتجاه العام خلال الشهرين المقبلين يشير إلى أنَّ أسعار النفط ستكون متذبذبة ولكنها نحو الارتفاع نتيجة لما ذكرناه أعلاه، ولكن مستوياتها هي الأهم، ولذلك لابد من تدخل علاقة الانتاج والاستهلاك لغرض السيطرة على أسعار النفط كونها تؤثر في المستهلك ولاسيما في أميركا وأوروبا، وكذلك تنعكس على أسعار البضائع، لذلك فإذا تم التنسيق بين كبار منتجي النفط ومن بينهم الولايات المتحدة التي أصبح نمو إنتاجها من النفط الصخري بطيئا لانخفاض الاستثمارات مقارنة بمستواه قبل جائحة كورونا، والمملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية، هؤلاء المنتجون الكبار بإمكان تصريحاتهم الايجابية أن تبدد المخاوف من ارتفاع الأسعار المستقبلية خلال الأشهر المقبلة".
وفي ما يتعلق بتأثير سحب احتياطيات أميركا واليابان في الأسعار، أوضح أنَّ "هناك فرصا قليلة متوفرة الآن لغرض التعاون بين (أوبك+) والولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها، وأن استخدام النفط لموازنة العرض والطلب في الأسواق العالمية من أجل خفض الأسعار (ظاهرة جديدة) ومن الصعوبة تقييم نتائجها من قبل البورصات العالمية، فضلاً عن أنَّ "الكميات التي يجري سحبها من الاحتياطي يتم بيعها في الداخل وهذا لن يؤثر في التزامات شركات النفط الأميركية، أي سوف لا تقلص تلك الشركات استيرادها فوراً من النفط العالمي وربما تقوم بشرائه وتزيد من تصدير النفط المنتج من قبلها وتخزن أو تستخدم النفط المسحوب من الاحتياطي، وهذا ينطبق على بقية الدول التي قررت السحب من احتياطياتها".
وبين العامري أنَّ "التصريحات التي تطلقها (أوبك+) سواء رئيس منظمة الدول المصدرة أو وزير الطاقة السعودي سوف يكون لها تأثير كبير جداً في أسواق النفط وطمأنتها، وسوف تبقى أسعار النفط مضطربة إلى أن يعقد اجتماع (أوبك) المقبل وسوف يخرج قرار الحسم لاتجاهات أسواق النفط من هذا الاجتماع، لاسيما إذا قررت تجاوز الزيادة المقررة بموجب اتفاقات (أوبك+) وهي 400 ألف برميل يوميا وجعلها 800 الف برميل أو 1،2 مليون برميل يومياً".
وأضاف أنَّ "خلاصة القول أنَّ الإعلان عن سحب الاحتياطي الستراتيجي الأميركي قد ساهم في إيقاف ارتفاع أسعار النفط من نحو 83 دولارا إلى 75 دولارا، وأن عودة الأسعار إلى 78 دولارا للبرميل حالياً هي تصحيح الانخفاض، وأن الأيام المقبلة سوف يتذبذب السعر بين 75 - 82 دولارا، لحين ظهور عوامل اخرى تعمل على استقرار النفط ضمن مديات مقبولة".
وارتفعت أسعار النفط، أمس الأربعاء، مواصلة مكاسبها من اليوم السابق، إذ استمرت شكوك المستثمرين بشأن فاعلية حراك تقوده الولايات المتحدة للسحب من احتياطيات النفط الستراتيجية.