ضمن فعاليات مهرجان «دهوك السينمائي».. حماية مستقبل الإنتاج والتوزيع من خلال توفير الدعم
منصة
2021/11/25
+A
-A
دهوك: وائل الملوك
« الحديث في المجال السينمائي وتشخيص الايجابيات والسلبيات مهم لنا جدا، كمهتمين وصناع سينما وثقافة في المنطقة»، هذا ما ابتدأ به الحديث مدير دائرة الثقافة والفنون امير علي، خلال ندوة أقيمت داخل أروقة جامعة دهوك، ضمن منهاج فعاليات مهرجان دهوك السينمائي الثامن المقام حاليا، حملت عنوان «حماية مستقبل الإنتاج والتوزيع السينمائي الكردي ومشكلاته وتحدياته وابرز المقترحات للتغلب عليها»، الى جانب مشاركة الممثل والمخرج شوان عطوف، والمخرج شوكت امين كوركي المدير الفني للمهرجان، وقدم الجلسة المخرج مسعود عارف.
وتابع أمير علي حديثه، قائلا « لدينا العديد من النقاط التي يمكن أن نتحدث عنها، على سبيل المثال انه عندما وضعت الخطوات الأولى لمهرجان دهوك من قبل المؤسسين كان هذا حلما، وبنضالهم ومحبتهم صار الحلم حقيقة، وصار المهرجان أحد الفعاليات الرئيسة لدائرة الثقافة والفنون ووزارة الثقافة في الإقليم، وما يضمن استمراريته هو تنظيم مدخولات المهرجان وميزانيته الخاصة، وأرى أن مشاركة القطاع الخاص في دعم المهرجان هو ظاهرة صحية، إضافة الى دعم الحكومة الرسمي. مبينا، ان في إقليم كوردستان يوجد 13 مهرجانا متنوع الموضوعات والمجالات الثقافية والفولكلورية والفنية، من بينها مهرجا السينما في دهوك، وفي كل مدينة أو محافظة هناك اهتمام بموضوع أو فن تتخصص فيه الفعاليات الثقافية والحكومية، وسبب عدم صرف الميزانيات لفعاليات معينة منها، هو ان تلك الفعاليات ليست من الفعاليات الرسمية لحكومة الإقليم ووزارة الثقافة فيها، ولا تخصص لها الحكومة أي ميزانية لهذا السبب، وقد تتاح لنا الفرصة ان نقترح مشروع قانون لحماية حقوق المهرجان والسينما ويرفع الى مجلس نواب الإقليم.
ماذا نريد من الفن؟
بينما اشار د.محمد علي ياسين المتخصص في القانون، خلال حديثه إلى كيفية تحقيق الحماية والاستمرارية للمهرجان، قائلا: «في البداية لا بدَّ من السؤال عن هدفنا من الفن والسينما على وجه التحديد، هل هدفنا منها فقط نشر ثقافتنا خارج منطقتنا أم أننا نريد الوصول إلى مواطنينا أيضا، واي منهما يكون هدفنا، لكن الأهم أن نفعّل هذه الأهداف. فعلى سبيل المثال بعد الحرب العالمية الثانية بدأت الدول القومية بالاعتماد على الثقافة والفن والفولكلور في خدمة سياساتهم، وهذا لا يتم بليلة وضحاها، لكون الفن قسما من الهوية العالمية للدولة، وللفن هويته الخاصة كما للدول هويتها الخاصة في العالم، كما هو الحال مع السينما الفرنسية والسينما الإيرانية، وهنا أطرح تساؤلا ماذا نريد من الفن؟ برأيي أننا من خلاله يمكننا إقامة نظام سياسي من خلاله وينظمه ولهذا طرقه، منها التمويل وتشكيل لوبي لدعم وتنظيم الفنون والفعاليات الثقافية وحماية حقوقها، وهذا ما هو مطلوب دائما، ولا بدَّ من أن يكون فيه العديد من المختصين بالأدبيات القصصية وصناعة الأفلام وتفاصيلها وأيضا التوزيع السينمائي، وغيرها من متعلقات الفن السينمائي، وأذكر مثالا هنا أنه في العام 1974 اصدر في إيران ابان حكم الشاه قرارا لتنظيم التعاون السينمائي بين فرنسا وايران، وإصدار قانون ينظر الإنتاج السينمائي بينهما، وصدر هذا القرار غير المسبوق واستفيد منه في تطوير السينما الإيرانية، وبدأت الأفلام ذات الإنتاج المشترك بين الدولتين المذكورتين، وهنا استغلوا الميزانية والأدبيات والتقنيات في صناعة الأفلام، ومن أحد الشروط أن يكون الفريق كله من الفرنسيين والإيرانيين، وقد يشارك شخصان أو 3 فقط من غير هذه الجنسيات، لكن الاخرين لا بدّ من أن يكونوا من الإيرانيين او الفرنسيين، وهذا قانون لا يتجاوزه احد، وقد أسهم وأثّر في تطوير العديد من المجالات الفنية والثقافية، وفي السنة التي سبقت الثورة الإسلامية هناك، مبينا أن وزارة الثقافة الإيرانية انتجت شركة لانتاج الأفلام السينمائية، وبعد الثورة الإسلامية اختلفت السينما الإيرانية بقيت محافظة على مستواها الفني، لكن تغيرت موضوعاتها لأن الثورة كانت تذهب الى أنها ليست ضد السينما وانما ضد الفاحشة، ولذلك صارت للسينما الإيرانية أهميتها وحازت على الاوسكار مرتين.
ضمان حقوق الفنان
وخلال حديثه، تطرق عن كيفية تفعيل دور الثقافة والسينما ونشره بين الجمهور، مشيرا إلى أن «أحد أهم التحديات هي تسييس وتحزيب الفعاليات الثقافية، فلا بدّ من أن يتولى المسؤولية الثقافية الشخص الذي يكون همّه الفن قبل السياسية، وهذا انعكس على عدد من المهرجانات والفعاليات الثقافية، وهنا لا بدّ من وضع ستراتيجية معينة لتجاوز هذا القضية، وهنا نناقش كيفية دعم الدولة للمهرجانات، هل الدعم فقط يتم في صرف المبالغ المالية؟ أم انها تدعم بطرق أخرى؟ من هذه الطرق المنظمات الخيرية والمؤسسات الاقتصادية، وأيضا القوانين التي توضع للمنافسة والحصول على الدعم، وهذا يدخل السينما في باب الصناعة، والأسلوب الأخير هو الإنتاج والإخراج السينمائي، واقترح ختاماً أن توضع القوانين لتنظيم صناعة السينما في الإقليم وتضمن هذه القوانين استمرارية الدعم، وهذا يتم من خلال كتابة مسودة قانون من المختصين القانونيين والفنيين لحماية الفن وضمان استمراريته وحقوقه، وأيضا يمكن إضافة فقرات في القوانين الأخرى تضمن ما يتعلق بالفن، فمثلا في قانون الضمان الاجتماعي نوجد فقرة لضمان حقوق الفنان والفنيين المشتغلين في السينما، وكذلك في قانون العمل نضع تعريفا للعمل الفني.
تفعيل الحوار بين السياسي والمثقف
المخرج شوان عطوف تحدث قائلا: لا بدّ من أن تكون السينما جزءاً من الفلسفة الثقافية الخاصة بالدولة. وأرى أن السياسة والثقافة بعيدان أحدهما عن الآخر، وإن هذه العلاقات مهمة لكن بحاجة لمناقشات أكبر، وفي مجال السينما أجد أن لدينا مشكلات تقنية كبيرة، منها أننا لا يمكننا إفهام السياسيين أهمية السينما والفن والثقافة، وعلى سبيل المثال إننا كصناع للأفلام ليس لدينا تأثير في السياسة واتخاذ القرار، وأشير إلى أن حديث وزير الثقافة الأخير كان مفرحا لنا، أن هناك مؤتمرا من الممكن ان يقام لصنّاع السينما، وبهذا نقدم نفسنا للنظام السياسي، والمهم ليس فقط ان نتقدم للسياسيين، وانما أن يفهموا هذا الذي نتكلم عنه، ويتفعل الحوار بيننا وبينهم، وأيضا لا بدّ من الكشف عن المافيات السينمائية والفاسدين في مجال صناعة السينما، للتخلص من الإشكالات التي تتعرض إليها السينما.
واختتم المخرج شوكت أمين كوركي، الجلسة بحديثه الذي أشار فيه، إلى أن الجميع يتحدث عن أهمية هذه القضية، ونحن في كل يوم نسأل، إن كان هناك فعلا سينما كوردية او لا؟، أنا مع الراي القائل إن الكرد إن كان لهم شيء عالمي فهو السينما، ولا أرى أوضح من هذا في المجال الثقافي، لكن كيف تشكلت هذه السينما الكردية، هل هناك مشروع او قانون وخطط، أم أنها كانت محاولات شخصية؟ والحقيقة أنني أرى انها محاولات شخصية، خاصة لصنّاع الأفلام القادمين من خارج اقليم كردستان العراق، وأنا واحدٌ منهم، فالعراق له سينما ضعيفة كانت مسخَرة للدولة في عهد النظام السابق.
غياب مؤسسات التنظيم
في عام 1999 عندما عدت الى الاقليم لم تكن هناك خطة واضحة للسينما، وكان وضع دور السينما في المدن يرثى له، إذ كانت تعرض الأفلام السيئة وكان غالبية جمهورها من الشباب من عمر 12 الى 18 سنة، وبعد هذا بدأنا المحاربة للحصول وإقامة المهرجانات، فلم نحصل على الفرصة على طبق من ذهب، والدليل اننا لو جلسنا في بيوتنا لم يكن لأحد من الحكومة، ليقدم لنا الفرصة للعمل والحصول على منح السينما، الوزارة والحكومة قدمت دعوة للمهرجانات والسينما والأفلام وصنّاعها، ولكن بطريقة غير منظمة، فلا توجد مؤسسات تنظم الدعم والصناعة السينمائية، وأيضا هذا الامر يتعلق بالمهرجانات، وأنا أثني على اراء الدكتور محمد علي واقتراحاته التي هي ليست صعبة التطبيق على الإطلاق، فالآن عندما يتم الحديث عن السينما يتحدث فقط عن الميزانيات، وقبل أيام أشار المخرج صديق برماك الى التجربة الكورية في تطوير السينما الكورية من خلال فرض الضرائب على دور العرض الغربية واستغلالها في دعم السينما المحلية، وانا لا أرى أن المؤتمرات مهمة لأنها مؤتمرات للحديث والتنظير، ونحن بحاجة إلى خطوات عملية، هذه الخطوات العملية قد تصدر من أربعة او خمسة اشخاص لا تحتاج الى أعداد كبيرة وأحاديث كثيرة».