بغداد: عمر عبد اللطيف
خابت الطموحات السياسيَّة التي كانت تأمل بالوصول إلى اتفاق "توافقي" لتشكيل الحكومة المقبلة، والخروج من ازمة نتائج الانتخابات.
هذا الانطباع، جاء نتيجة تصريحات زعيم القوى الفائزة في الانتخابات السيد مقتدى الصدر، الذي اكد انه لن يشترك في حكومة ائتلاف أو حكومة توافقية، مبيناً أنَّ "الذهاب للمعارضة أفضل لنا"، وقال: إنَّ الحل الوحيد لإنقاذ العراق هو أن أشكّل الحكومة والخاسر يكون في المعارضة أو العكس.
وبناءً على تلك المعطيات، ثمة توقعات، بان تكون هناك معارضة قوية تفعل دور مجلس النواب، او تكون مشابهة لتجربة "الثلث المعطل" في لبنان.
وقال استاذ العلوم السياسية اياد العنبر لـ"الصباح": إنَّ تجربة الثلث المعطل، قد تكون هي المفتاح لمن يستطيع التحشيد داخل مجلس النواب بعرقلة الكثير من المشاريع التي يمكن أن تحرج الحكومة في حال وجود تيار معارض، مستدركا، أنَّ الاوزان التي تحتاجها الاغلبية لا تفترض وجود مثل هذه التجربة.
واوضح العنبر أنَّ الثلث المعطل في لبنان مرتبط بعنوان طائفي، اما في العراق فيمكن أن يتحول إلى عنوان سياسي عن طريق المعارضة، وهو بحد ذاته فرصة متاحة لتفعيل دور البرلمان الحقيقي بعد أن كان مسلوب الارادة وجميع الكتل في السلطة وهي نفسها في المعارضة.
وبشان موعد انعقاد مجلس النواب بعد اعلان نتائج الانتخابات، رأى العنبر أنَّ الامر مرهون بنتائج المفاوضات، اما تشكيل الحكومة او انعقاد مجلس النواب فهذا شرط دستوري لا يمكن التلاعب بهذه التوقيتات، متوقعاً أن تكون الجلسة "مفتوحة" برئاسة اكبر الاعضاء سناً، بانتظار حسم الصراع بشان تشكيل الحكومة والرئاسات الثلاث.
واختلف المحلل السياسي الدكتور علي الجبوري مع هذا التوجه، وقال: إنَّ الارضية غير مهيأة لان يكون هناك ثلث معطل كما موجود في لبنان، منوها بأنَّ الوضع قد يتجه نحو التوافق.
واضاف الجبوري، لـ"الصباح"، أنَّ رغبة الاكثرية مع خيار تشكيل حكومة اغلبية وطنية كما يحصل في الدول المستقرة "ديمقراطياً"، الا أنَّ العراق لا يمكن أن يكون كذلك بسبب الانتقالة السريعة التي حصلت له بعد عام 2003 والتي كان فيها البناء فوقياً للاليات والاسس الديمقراطية.
في حين نبه استاذ التاريخ المعاصر في جامعة بغداد الدكتور مفيد الزيدي على أنَّ العراق حالة مختلفة بحكم التجارب السابقة والتحديات الداخلية والتحالفات الاقليمية ووضعه الاقتصادي عن لبنان، لافتاً إلى أنَّ التشاؤم الذي يشوب العملية السياسية يجده آخرون مفتاحاً لانطلاقة جديدة.
واضاف الزيدي لـ"الصباح" أنَّ املاً يراود الكثيرين بأن يشهدوا شبه توافق بين الاطراف المشاركة في العملية السياسية للوصول إلى حل يرضي جميع الاطراف ويعطي تجربة جديدة مختلفة عن التجارب السابقة، مشيراً إلى أنَّ وضع العراق الاقليمي ولاسيما خلال المرحلة الحالية لا يسمح بتعطيل تشكيل الحكومة او اعاقة عمل البرلمان.
وتوقع أن تشهد الأيام المقبلة انفراجة في العملية السياسية وهي تسير نحو افق افضل، مؤكداً أنَّ الكتل السياسية ستاتي بحلول وسطية تمزج بين تجربة الماضي دون أن تفشل والتجربة الحالية، لأن القوى السياسية بارثها من 2003 وحتى الان تدرك أنَّ الوضع الداخلي الحالي لا يمكن استمراره.