بغداد: هدى العزاوي
رغم مضي 21 عاماً على دخول القرن الحادي والعشرين، ورغم كلِّ التحديثات والتطور الذي شهده العالم، إلا أنَّ العراق يبدو غارقاً في الماضي في الكثير من تفاصيله، فاللقب والقبيلة والعشيرة باتت أمراً ضرورياً وملتصقاً بالمواطن العراقي لا من باب النسب أو التعريف فقط، بل من أبواب أخرى تمس صلب حياته الاجتماعية وشؤونه اليومية وبمثابة حالة حماية فرضتها ظروف التغيير بعد 2003، وهذا ما دفع آلاف المواطنين إلى محاولة استعادة لقبه المفقود أو استبداله لأسباب شتى، حيث يتقدم قرابة 200 مواطن (يومياً) للحصول على لقب جديد.
لأسباب متعلقة بالنظام السابق غيبت أسرة (ق. ش) اللقب عام 1979 عن النفوس، ومنذ 38 إلى الآن ما زال بلا لقب في ظل سطوة العشائر.
ويقول المتحدث الذي اكتفى بالأحرف الاولى من اسمه لـ"الصباح": إنه "حاول الآن إضافة لقبه في دائرة النفوس العامة في بغداد بعد مضي 38 عاماً على خلو هوية أحواله المدنية ومستمسكاته الأخرى منه"، مشيراً إلى أنَّ "هناك آلاف المواطنين يسعون إلى إضافة اللقب، بل إنَّ الكثير منهم يسعى إلى تغييره بسبب التبارز الاجتماعي بالألقاب وسطوة بعض العشائر وسلطتها على القانون". لا يمكن إنكار أنَّ القبلية والعشائرية ما زالت حاكمة في المجتمع العراقي، ولكنها بدأت تطفو بشكل حقيقي على أرض الواقع العراقي بعد عام 2003، وما شجع المواطنين على اتخاذ هذه الخطوات أنَّ بعض العشائر بدأت تدعم إضافة الألقاب فضلاً عن أنَّ بعض الشخصيات بدت بحاجة إلى إضافة اللقب ليؤسس تواصلا عشائريا. ويقول (ق.ش): "كم من مدير مؤسسة حكومية يضع لقبه على لافتته التعريفية ليبين إلى أي عشيرة ينتمي، وكم مؤسسة أصبحت تابعة لعشيرة معينة نتيجة استحصال أحد أفرادها على منصب؟!".
وبشأن الإجراءات التي اتبعها لإضافة لقبه المغيّب منذ ولادته والمعترف بها على مستوى وزارة الداخلية العراقية، أكد أنَّ الإجراءات باتت "أكثر تعقيداً وتحتاج إلى موافقات خاصة، جراء زيادة أعداد الحالمين باستحصال ألقاب غير القابهم أو تغييرها، حتى أصبح العراق شبه منتسب إلى عشيرة محددة".
المتحدث (ق.ش) ليس الوحيد الذي يسعى إلى إضافة لقبه، فأكثر من ألفي شخص حاولوا خلال العام الحالي 2021 إضافة ألقابهم.
للتأكد من حقيقة المعلومات السابقة، اتجهت "الصباح" إلى مدير مديرية شؤون الأحوال المدنية في بغداد العميد عماد عدنان أنور الذي قال: إنَّ "هناك فقرة إضافة لقب للشخص الذي يكون سجله خاليا منه، وهذا ما يسمى بإضافة اللقب، ويعالج وفق قانون البطاقة الوطنية ورفع دعوى قضائية، وتتم إضافة اللقب وفق ضوابط وشروط وموافقات أمنية، كما أنَّ هناك تصحيحا للقب بتقديم مستمسك رسمي بالقيود القديمة 47 أو 34 يثبت بأن لقبه مغاير لما مدرج في هويته ليتم تصحيحه استناداً إلى أصل اللقب".
وأضاف أنه "بحسب التعداد العام للسكان في العراق لسنة 1957، فإن (خانة اللقب) تترك فارغة، وهذا ما أثبتته سجلات تلك الحقبة، وقد تكون الألقاب غير دقيقة".
وأوضح أنَّ "قانون الأحوال المدنية السابق كان يحتوي على معاملة (حذف لقب) إلى أن جاء قانون البطاقة الوطنية الذي ألغى عملية (الحذف) التي كانت معمولاً بها سابقاً، ووفق القانون الجديد يمكن استبدال اللقب بآخر، ووفق ذلك تدون إفادة من يحاول استبدال اللقب مع شهود اثنين يؤكدان انتماءه للعشيرة المراد الانتساب إليها، على أن تكون الأسباب مقنعة للموافقة على هذا الإجراء".
وفي ما يتعلق بأبرز أسباب تغيير وحذف الألقاب في ما سبق، بين العميد أنور أنها "كانت لأسباب طائفية أو غيرها، كما أنَّ لدينا حالات حدثت لطلب تغيير اللقب بحسب الشهادة العلمية المستحصلة التي دونت تحت لقب آخر غير ما كان عليه".
من أهم الإجراءات للحصول على لقب عشائري النشر في الصحيفة الرسمية لمدة 15 يوماً حتى يتم الطعن بها، والطعن يكون من قبل الطرف الثالث (دائرة الأحوال المدنية)، وغالباً ما يكون هذا الطرف ليس لديه ممانعة لاستبدال اللقب.
وأوضح أنه "خلال العشرة أشهر الماضية تم إنجاز 4607 معاملات منها 2148 تبديل لقب، وخلال الأسبوع الماضي فقط أنجزت 178 معاملة طلب استبدال لقب، ويومياً هناك 15 طلبا لاستحصال تبديل اللقب".