السياسة والواقعية الصعبة

العراق 2021/12/08
...

علي حسن الفواز
 
المكاشفة في السياسة أمرٌ ضروري، لكي يدرك الجميع حجم المشكلة، وطبيعة الخيارات الواقعية والعقلانية لحلها، او لتخفيف الأخطار التي قد تنجم عن تداعياتها، وأحسب أنّ واقعنا السياسي بات أكثر حاجة لتلك المكاشفة، لوضع جميع التداعيات على الطاولة، وباتجاه أن تكون رهاناتها قائمة على تجاوز  أيّ تأزيم، وعلى فكّ عقد الانسداد السياسي، إذ سيجد الجميع أنفسهم أمام وقائع غائمة من الصعب السيطرة عليها، أو حتى التخفيف من أعراضها، ومن انعكاستها على السلم الأهلي، وعلى البناء المؤسسي الدستوري لتشكيل الرئاسات الثلاث، ولوضع خارطة طريق لصيغ العمل الفاعل واستحقاقاته 
الداخلية والخارجية.
قد يبدو المشهد السياسي مضبباً، والذهاب الى خيارات الموالاة والمعارضة صعبا بعض الشيء، لكن ذلك لايعني تعطيل الحلول الأخرى، ووضع الفرقاء أمام مأزق اللاحل، والذي سيعني فتح الباب للتدخلات الخارجية، ولتعطيل إرادة مواجهة محنة الواقع العراقي بأزماته وعقده ومفسديه، وبمظاهر رثاثته الاقتصادية 
والسياسية. 
وبقدر حجم الحاجة الى المكاشفة والصراحة، فإن الحاجة الى استدعاء فاعلية "الواقعية السياسية" ضرورية بالقدر الذي يمكنها أن تكون دافعا للعمل، وفقا لرؤية المستقبل، إذ يكون مطلب تشييد عمران سياسي حقيقي مسألة تتطلب المقاربة، والقراءة والمواجهة، فنحن لسنا في كوكب آخر، ولا في أرضٍ اخرى، فمن حولنا عالم يتصارع، ويتقاطع، ويبحث عن مصالحه، وهو ما يفرض أن نمارس حقنا ايضا في التعاطي مع تلك الحقائق، وعلى وفق ماتتطلبه تلك المصالح، وبكلِّ تفاصيلها وشجونها، من التصريح بضرورة وجود وعيٍ كامل الأهلية، يمكن أن نتصارح من خلاله، وأن نضع أشياءنا المكشوفة والخبيئة في سياقها الصحيح، لكي نعرف قدراتنا، ولنرسم خطواتنا القادمة بواقعيةٍ، حتى إن كانت صعبة.