لماذا يتغرَّبون؟

آراء 2021/12/08
...

 فؤاد العبودي
 
نحن نمضي في حياتنا على وفق القضاء والقدر، من دون تفكير بما ستؤول اليه مصائرنا، وأحيانا أخرى تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، أقول ذلك بشأن مئات من المهاجرين العراقيين الذين عرفنا مصائرهم والذين غابت عنا اخبارهم، اولئك الذين لفهم المجهول بظلامه المعتم.
الذين كانوا يتأبطون احلامهم ويتنكبون آمالهم في ان تطأ اقدامهم ارض المهجر في حلم معصوب لم ينم عن اي مصير محسوم او معين، والبعض كانوا مع أسرهم وصغارهم.
ممتلئين حماسة وشعورا جارفا بالتخلص من العبودية وهم يتمسكون بما يفضي اليهم 
(تاجر البشر).
إذ هدتهم متقلبات الاحوال وتردي البلاد فامتطوا صهوات احلامهم، لعل في كل خطوة منهم تستقر نفوسهم وتطيب.
لكن الذين يعلقون امنياتهم الخبيثة من أؤلئك المتاجرين بالبشر على هذه النفوس المستضعفة والمتخمة بالعذاب والاسى، ويغرفون من صحراء قاحلة ماء ملؤه السراب فتطلعوا الى (الخبثاء) من التجار بنظرة امل وتوثب للسفر الى مايبتغون وهم حالمون بأنهم سيجدون أياديا وقلوبا تنتشلهم من الضياع حتى يصبحوا في بلاد هواؤها الحرية ولا يميزون بين اسود البشرة وابيضها، فاغتالتهم يد التجار العابثين بأمورهم، فمنهم من المهاجرين من غرق، ومنهم من عصب عينيه بعصابة لايرى سوى الحلم قد يقيه شر 
ما يقع له.
وازاء كل ماجرى للمهاجرين من سوء الاحوال والاقدار تظل علامات الاستفهام كثيرة، وايضا حائرة بشأن وحوش المغامرة من التجار الجشعين الذين صوروا للمهاجرين جنة الخلد التي تنتظرهم فاقتادوهم من ايديهم نحو ذلك المصير المجهول، ومن ثم تركوهم في حيرة من امرهم.
الأسباب كثيرة لكنها تبقى من دون حلول او نتائج توضح الخارطة الحقيقية لمعنى المهاجرين، لذلك نصب اللوم على ما يلاقونه في بلادهم مرة، ومرة اخرى نضع احلامهم العالقة مأخذ الجد، وفي مرات كثيرة يصبحون هم الخاسرين في كل الامور حتى وان وصلوا الى بر الامان في بلد اوروبي يؤويهم ويؤمن لهم العيش بعد رحلة الخوف والمشاق، او سيتركون في معسكرات التهجير وهي لاتقل خوفا وعذابا من التي كانوا يعيشون في ظلالها، ببلادهم، انها رحلة العذاب والمشقات والآلام بعيدا عن الوطن 
والأهل.