واقع التعليم

آراء 2021/12/11
...

 بشير خزعل 
 
لايخلو نظام التعليم في العراق من التأثيرات المختلفة التى ادت الى هبوط مستواه الى درجات متدنية، تهالك البنى التحتية والتلاعب البيروقراطي والمحسوبية في التعيينات واستثناء الكفاءات العلمية الكبيرة القادرة على ادارة عملية التعليم في البلاد، جميعها تشكل بعض اسباب وصول التعليم الى هذه المرحلة، ينفق العراق على التعليم أقل من أي بلد في العالم. وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، سنويا تنفق لوكسمبورغ 21320 دولارًا لكل طالب، بينما تنفق اندونيسيا 1209 دولارات على كل طالب. في العراق الإنفاق في أحسن الأحوال يصل إلى حوالي 600 دولار لكل طالب او اقل من ذلك بكثير. في عام 2016 خصص العراق 5.7 مليار دولار للتعليم، لكن 91 % من ميزانية التعليم تذهب لتغطية الرواتب، في حين أن الاستثمار في التعليم كان ضئيلاً نسبيا، حيث بلغ قرابة 600 مليون دولار نهب معظمها بعمليات فساد واسعة، واقع الحال الموجود هو ان التعليم الحكومي اصبح مجرد تعليم تقليدي لتمرير الصفة الرسمية للطالب، الذي يبحث عن معاهد خصوصية او يدرس في مدارس أهلية زاد عددها عن مدارس الحكومة، فالتعليم الحكومي لم يعد موثوقا به ولا يلبي طموح الطالب، الذي يعاني من مشكلات كثيرة في التدريس، بسبب قلة خبرة المعلمين او نقص الملاكات التدريسية، اضافة الى هجرة جماعية للمعلمين والمدرسين نحو المدارس الاهلية والتدريس الخصوصي الذي اصبح تجارة مالية لاباس بها، كما أصبحت المدارس الحكومية مزادا للترويج لمدرسين خصوصيين أو تفويج أعداد من الطلاب نحو المدارس الخاصة والأهلية، هذا المشهد يبين عدم الاتساق الفادح في التخطيط المتتالي من جانب الأنظمة السياسية المختلفة، فالعديد من المدارس، لا سيما تلك الموجودة في المناطق الريفية والمناطق الفقيرة، تعاني من تدهور مبانيها التي تهدد صحة الطلاب وسلامتهم وفرص تعلمهم. يوجد في العراق أكثر من 15 ألف مدرسة ابتدائية، لكن 35 % من هذه المدارس ليس لديها مبانٍ خاصة بها. من بين أكثر من 4 آلاف مدرسة متوسطة في العراق، 30 % ليس لديها مبانٍ خاصة بها، ومن أكثر من ألفي مدرسة ثانوية، 30 % تفتقر إلى مرافقها الضرورية. وهذا يترك عجزا في أكثر من 8500 منشأة مدرسية على جميع المستويات. علاوة على ذلك، هناك أكثر من 4500 مبنى مدرسة ابتدائية بحاجة إلى إعادة تأهيل، كما هو الحال بالنسبة لمباني المدارس الثانوية والبلغ عددها 1280، وهناك أكثر من 1800 مبنى مدرسي غير ملائم على الإطلاق، نقص المدارس والمدرسين والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه وإمدادات التشغيل الأخرى، مع استمرار واقع تعليمي، بدءا من المدارس الابتدائية التي تكتظ صفوفها باكثر من 50 طالبا في الصف الواحد الى الدارسة الثانوية، التي اصبحت فيها الملخصات و{الملازم الدارسية} أهم وسيلة للتعليم، فإن واقع التعليم مستمر بالهبوط، واستمرار هذا الواقع سيؤدي الى انتاج نظام التعليم الزائف المنتج لحاملي الشهادات، الذين يعانون من نقص في المهارات الحية عالية المستوى مثل الابتكار والتفكير والتحليل والبحث والإبداع.