المعارضة واغراءات السلطة

آراء 2021/12/11
...

 كاظم الحسن 
الغاية من تعدد السلطات ووجود معارضة برلمانية، تكفل لكل الأطراف السياسية المشاركة الايجابية الفاعلة، كان لأجل ترصين الديمقراطية ومنع الاستبداد واحتكار السلطة، الا أن تاريخ النظم السياسية في الشرق، يشير الى الارث الاستبدادي الطويل، الذي عاشته الشعوب. هناك من يرى «الدكتاتور عادل في ظلمه». 
 
وهي فكرة جائرة على الجور نفسه وتبحث عن طريق مسدود ومغلق ويريد أصحابها القول، ليس بالامكان أحسن مما كان، ويخفي هذا الاعتقاد في باطنه اتهاما للشعوب بالعقم والعجز في اختيار الافضل من القادة السياسيين، ويصنع العبودية والذل ويكرس الاستبداد ويعطي حجة للدكتاتور في بطشه وظلمه للمجتمع. في مثل هكذا اجواء تصبح السلطة غنيمة والكل يريد الوصل بها، لذا إن الفائز والخاسر في الانتخابات يطمحان الى السلطة التنفيذية ولاتعنيهما المعارضة بشيء، بل ان كلاهما يطمحان الى ان يلعبا في الملعبين التنفيذي والتشريعي «انت الخصم والحكم»، اي تقاسم المنافع على حساب الدولة والجمهور، وهذا يجعل العملية السياسية تراوح في مكانها ويجمد ملفات الفساد ويشيع روح اليأس والقنوط ويشل أسس ومشاريع الاعمار والتنمية والنهوض. وقد يؤدي الى عزوف الجمهور عن الانتخابات وهذا قد يطيح او يهدد النظام السياسي برمته، لأن الجميع في قارب واحد وسط أمواج هائلة داخلية وخارجية. الفائز والخاسر في الانتخابات البرلمانية يعد من صلب النظام الديمقراطي ومن خصائصه الاساسية، وهو ما يسمى بتداول السلطة والمنافسة المشروعة، لقيادة الدولة. اما من يؤمن بديمومة السلطة كأنما يمجد النظام الدكتاتوري، الذي لا يعترف بالمعارضة، بل يخوّنها ويعدّها عدوا لدودا، لأنه يعتقد انه القائد الضرورة، فلا ضرورة إلا هو أو الأب القائد ولا أب سواه. المنافسة في النظام الديمقراطي سواء كانت سياسية او اقتصادية، هي التي تفرز الافضل والاجود والاحسن على مستوى الاشخاص او السلع وهذا ما نراه في الدول الصناعية المتقدمة، التي تقود العالم عبر نظامها السياسي المتطور المنبثق من نظامها الديمقراطي، الذي يتصدر العالم بانجازاته المتعددة وعلى جميع الصعد. إن من مبادئ الديمقراطية الرئيسة هو تداول السلطة وهو ما يحميها من الاحتكار والاستبداد والانسداد السياسي، ويوفر منافذ سالكة لديمومة الحياة السياسية، بعيدة عن الصراعات والانقسامات والنزاعات، التي تفتك بجسد وكيان الدولة وتعطل مشاريع الاعمار والبناء والتنمية البشرية، التي هي من أسس تقدم وتطور الشعوب والمجتمعات الحرة والتاريخية. إن ثبات واستقرار النظم الديمقراطية، يعود الى التداول السلمي للسلطة، الذي فتح آفاق التعاون بين السلطات الثلاث وخفف من سطوة السلطة الاحادية.