عطش

العراق 2021/12/13
...

أحمد عبد الحسين
تقارير مخيفة عن الجفاف الذي ينتظره العراق.
دولتان جارتان تقطعان شرايين النهرين اللذين هما شريانا بلاد الرافدين. لم يفعل الجهد الرسميّ العراقي شيئاً يُذكر إزاء سدود تركيا من قبلُ، ولا أظنّه سيقوم بعمل ذي بالٍ أمام إصرار إيران على قطع الروافد، وهذه محنة.
انسداد العملية السياسيّة المزمن بسبب المحاصصة والفساد الذي يقطع الدولة طولاً وعرضاً، سببٌ رئيس لانسداد مصادر ماء الحياة عن وطننا، والجفاف الذي نترقبه في بلاد السواد نتاج جفاف هذه العملية السياسية التي يصرّ أصحابها على تكرارها بذات النمط والآليات: بالتوافق "الذي هو اسم الدلع للمحاصصة" المؤدي لفساد كان هو العنوان الأبرز للحراك السياسيّ العراقي منذ التغيير.
جفافٌ في الضمائر وتصحّرٌ في الوطنية سيفضيان حتماً إلى جفاف الأنهر وتصحّر الأراضي، كما انتهيا إلى جفاف وتصحّر سياسيين يجعلاننا في أزمة مع كل انتخابات، وأزمة أكبر بعد كل انتخابات، وخوف من مجهول ـ معلوم.
في الموروث الدينيّ أنّ الحكم الجائر سببٌ لانقطاع ماء السماء وجفاف الأنهار وغلاء الأسعار. نحن في العراق نعرف أن هذه حقيقة واقعة حتى من دون إيمان دينيّ، لأننا نراها عياناً.
حين يكون الفساد عمومياً يأتي على كلّ شيء ويفسده، يفسد الإنسان أولاً ويخرّب حياته ومستقبل أبنائه، ثم يفسد الأرض وما عليها. ففي الفساد السياسيّ مسٌّ شيطانيّ يصنع جنة صغرى للفاسدين ويترك الناس جميعاً في جحيم مقيم.
العراق مقبل على العطش، لأنّ الفاسدين لا يرتوون!