{أصحاب الهمم} والعدالة الاجتماعيَّة

آراء 2021/12/13
...

 عبدالزهرة محمد الهنداوي
 
في كل عام يمر اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، حاملا الينا صيحات وصرخات المعاقين، باثين عبرها همومهم ومعاناتهم، من دون أن يصغي اليهم أحد، وقد يكون الليل وحده هو من يردد صدى تلك الصرخات المشحونة بالالم، اذ ما زلنا نجهل نسبة ما تشكله هذه الشريحة في المجتمع، وقد اختلف العادّون في الاتفاق على عدد المعاقين في العراق، فمنهم من قال إنهم اربعة ملايين واخرون زادوا عن هذا الرقم او انقصوه قليلا، من دون أن يتقدم احد لتفكيك الاربعة ملايين او ما فوقها او ما دونها، إنْ كان الرقم متأتيا من قراءة واقعية، ليخبرونا عن تفاصيل الاعاقة من حيث النوع والسبب، والنسبة، فالعوق كما هو معروف، اشكال واصناف ونسب، منه ما هو جسدي يرتبط بالحركة وقدرات الانسان على الايتاء بافعاله، وبعضه عقلي او نفسي، وهنا ثمة حاجة كبيرة للرعاية قد يعجز عن توفيرها ذوو المعاق.
وبين هذه القراءات التي تأتي رجما بالغيب، تبقى معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة قائمة، قُبالة تباطؤ مزعج، في الاجراءات التي ينبغي اتخاذها من قبل الجهات ذات العلاقة، لانتشال هذه الشريحة من براثن معاناتها، واذ نتحدث عن الاجراءات والجهات المعنية، بها، فالامر لا يقتصر على جهة دون غيرها، فالجميع معني بهذا الشريحة المهمة، وبالتأكيد إن الجهات الحكومية تأتي في المقدمة، ثم تأتي بعدها الفعاليات الاخرى، المتمثلة بالقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية والاجتماعية المختلفة، وحتى المجتمع الدولي هو الاخر يتحمل جانبا كبيرا من المسؤولية إزاء هؤلاء.
ولكي نكون منصفين، فان هناك الكثير من المحاولات والاجراءات المتخذة من قبل هذه الجهة او تلك، سواء أكانت حكومية، ام غير حكومية، ولكنها محاولات وخطوات، لم تُفلح في انهاء معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة، اذ ما زالت شاشات التلفزة، ومواقع التواصل الاجتماعي، تنقل لنا يوميا صورا ومشاهد مؤلمة، لهؤلاء، وإن كان البعض من الجهات الناقلة، تنقل لأغراض المتاجرة، بآلام 
المعاقين!.
دول العالم ومنها بعض دول المحيط الاقليمي للعراق، حققت الكثير من التقدم من جهة ادماج المعاقين ضمن المجتمع، ووفرت لهم ظروفا حياتية جيدة، يشعرو ن معها بأنهم جزء من المشهد العام، ولا يختلفون عن سواهم في شيء، فباتوا يُعرفون بـ{ذوي الهمم» اما حالهم عندنا فلم يشهد تحسنا، حتى على المستوى الاجتماعي، فإن بعض شرائح المجتمع تنظر الى المعاق، اما نظرة شفقة، او انتقاص،!، وبالتالي فنحن نحتاج اولا الى تغيير نظرة المجتمع السلبية للمعاق، وهذه العملية تتطلب الكثير من العمل على جميع الصعد (اعلاميا، اجتماعيا، وثقافيا)، لإحداث التغيير المنشود، ومقابل ذلك فإن تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة وادماجهم مجتمعيا، يتطلب الاهتمام بمراكز التأهيل والتدريب وتطوير المهارات، التي تمكنهم من ممارسة حياتهم بنحو طبيعي، وصولا الى توفير حياة افضل لهم، وليس من العدالة التنموية والانسانية والقانونية والدينية، أن نتركهم 
خلفنا.