الخطاب الإعلامي وصناعة الرأي العام

آراء 2021/12/15
...

  علي حسن الفواز
توصيف الخطاب الإعلامي وأهميته لم يعد شأنا خاصا بطبيعة عمل هذه المؤسسة او تلك، بل بات الأمر يرتبط بمسؤولية الأسئلة التي ترتبط  بصناعة الرأي العام، وبكل ما يعنيه هذا الرأي من مهنية وموضوعية، ومن مشاركة او تحفيز على حقوق النقد والاحتجاج والتظاهر. 
 
هذه المعطيات لا تأتي عفو الخاطر، ولا بالعشوائية، ولا بتحويل منصات الاعلام الى فضاء سوداوي للتهييج، وللغلو، ولصناعة الأزمات او لإثارة نزعات التخاصم والخلاف، وتحت يافطات وأدلجات وحسابات تعمل على وضع الحصان خلف العربة، بل تتطلب جهدا استثنائيا، وتخطيطا وتنظيما وتمكينا، وبالاتجاه الذي يجعل من الخطاب الاعلامي فاعلا ومؤثرا، ومن الرأي العام ضاغطا وقادرا على 
التغيير. 
أحسب أن الوقائع العراقية، وبكل مخاضاتها باتت أكثر تماساً مع تلك الحاجة، ليس لخصوصيتها فحسب، وإنما لضرورة قارّة تستدعي أن يكون الخطاب الاعلامي جزءا من الحل، على مستوى الكشف والنقد والمراجعة، او على مستوى ايجاد أطرٍ أكثر فاعلية لمسؤولية الرأي العام، وضمن سياسات واضحة، وحقيقية تدعم مسار التحولات الاجتماعية والسياسية والديمقراطية، 
وخلق بيئة تفاعلية يشارك فيها المواطن والمسؤول، وهو ما سيسبغ على الخطاب واقعيته ومصداقيته، ويعزز ثقة المواطن بمؤسساته، وبجهود العاملين في منصاتها المتعددة، لكن ذلك لا يعني وجودا سهلا للبيئة الديمقراطية، وللظروف التي تعمل على  تيسير عمل المؤسسة الاعلامية، بل إن هناك تحدياتٍ كبيرةً، وتهديدات قد تتحول الى عنفٍ سياسي او أمني، والتي ستنعكس على طبيعة {المهنة الصعبة} 
للاعلام. 
إذ سيجد العاملون أنفسهم أمام أخطارٍ جمة، وأمام ضرورات تستدعي  المواجهة، وما بين الاثنين تتبدى مسؤولية الشجاعة الاعلامية، في النقد، وفي تقصّي الحقائق، وفي رصد مظاهر الفساد والرثاثة، والذي سيكون مجساً للكشف عن خفايا العقد والازمات، ومنها ما يتعلّق بالانسداد السياسي، والتشوهات التي يتعرض لها مسار بناء الدولة الجديدة، فضلا عن كشف طبيعة الجهات التي تقف وراء ذلك، بما فيها الجهات المسؤولة عن مظاهر العنف، والتعطيب السياسي، وتعطيل إرادة الرأي العام في مواجهة استحقاقات الدولة، ومتطلبات بنائها وأمنها وتطور اجتماعها الحضاري والسياسي 
والثقافي.