ديمقراطيَّة عشائرنا

آراء 2021/12/20
...

 حسن عودة الماجدي
هناك قاعدة تقول (من استعجل الأمر قبل أوانه عوقب بحرمانه)، بعد سقوط النظام السابق وانجلاء الغمامة السوداء وما لحق بها من فوضى عارمة طالت أغلب مرافق الدولة العامرة، وما نتج عنها من افرازات مريبة استثمر وجودها بعض الشيوخ، وأعني شيوخ العشائر الذين سموا بعد حين بشيوخ الحواسم، نسبة إلى معركة الحسم الأخيرة التي حسمت نظام جمهورية الخوف،
 كما أنهم أي الشّيوخ قد تقوقعوا في زحمة استغراق بعض القوى والأحزاب السّياسية، والتي تدّعي الوطنية الخالصة ولكنّها ليس كذلك، إذ تبخّر عنوانها وأصبح همّها الخضم المتشرّه لنبتة العراق الطّرية، وبالأخير أصبحوا أثرياء يمتلكون العقارات الفارهة والسّيارات الحديثة ومواقع الغنائم الجاهزة، كما أنهم أي بعض الشّيوخ قد تقمّصوا براقع الشّركات والمقاولات، والأدهى من ذلك قد تزاحموا على أبواب السّلطات الثّلاث، ولكن هذهِ المرّة قد خانتهم الشّهادة، ومع هذا لم يهدأ لهم بال، إذ غيّروا من جلد حربائهم إلى المنظمات المدنية عن طريق العزائم والولائم الباذخة، فدخل معظم هؤلاء المحوسمون قبل غيرهم دوائر الدّولة المهمّة بين ضجيج الإرهاصات والخطابات الخادعة تحت مظلّة الحرية والديمقراطية، وفسّروهما كما يحلو لهم أي وفقاً لمنافعهم السحتوية، هذا وقد فاتهم المفهوم الحقيقي للحرية والديمقراطية، حيث إن الأولى تعني حرية الرأي والتّعبير الهادف، أي هي انطّلاق الفرد في المجال الذّي يحدده المجتمع وليس للهوسات والرّدحات واطلاق العيارات النّارية، والسّيطرة على منافذ الحدود وتوابع المنشآت النّفطية والاحتراب المستمر والمستعر حولها، خصوصاً في عشائرنا الجّنوبية، كما أنهم عرّفوا الديمقراطية بالحد الّذي يشفي غليل المتعطّشين للسحت الحرام، ولم يقرؤوها كما ينبغي بأنها تعني السّلوك المعقلن، وإن غيابها يعني تغيّب العقل وإهمال الحجّة والتّغاضي عن الدّليل والعدالة، إذ إن ضمانها هو الحق وما يجيزه المنطق وما يقرّه العرف والقانون سماوياً كان أو وضعياً، لذا من الأجدر لشيوخ عشائرنا الكريمة أن يتوجوا سعيهم في العراق الجديد ما بعد الاحتلالات، وهيمنة الطّغاة بمساحة حدود السّماح الاجتماعي بين الأفراد والجّماعات من أجل ضمان الأمان وضمن المفاصل المجتزئة من حياتنا اليومية والكف عن مبدأ الغطرسة الجّاهلية، الّتي تفتقد أصلاً إلى المعايير الإنسانية والاشتراطات الموضوعية، وكذلك وفقاً لمتطلبات الحداثة والغزو المعلوماتي، وهذا لم يكن حائلاً لعشائرنا من أن تكون دعّامة أساسية في قوة الدّولة والمجتمع والتّعاطي الإيجابي مع القوانين الصّادرة والّلاحقة.