الرشوة مظهراً للفساد

آراء 2021/12/20
...

 بشير خزعل 
 
تفاقم الرشوة والفساد في بعض المؤسسات الحكومية بحاجة لحلول سريعة وأفكار إبداعية خارج التطبيق الكلاسيكي للنصوص العقابية التي يتضمنها القانون الحالي، فعلى سبيل المثال لو أوقفت الجهات القضائية المختصة العمل بتجريم المواطن الراشي، الذي يكون في احيان كثيرة مضطرا لدفع الرشوة من اجل تمرير معاملته من موظف فاسد، واستبدال هذه التجريم بالتشجيع على الإخبار ضد المرتشين مقابل انجاز معاملتهم بسرعة، خاصة أن الكثير من أصحاب الاختصاص في القانون يعتقدون أن هذا الأمر سيساعد في كشف الموظفين الفاسدين واخضاعهم للقضاء من أجل محاسبتهم وردع الآخرين عن ابتزاز المواطنين بتأخير معاملاتهم او ايقاف اجراءاتها بوسائل مختلفة، وبما يضمن عدم الإخبار أو الإدعاء الكاذب على الموظف، لأغراض شخصية او انتقامية، جريمة الراشي منفصلة عن جريمة المرتشي، فقد يعرض الراشي ويقابل بالرفض، فالراشي لا يعفى من العقوبة، اذا اقترن هذا العرض الايجاب بقبول الموظف، اذ تصبح الحالة هنا جريمة تامة وكذلك الوسيط، ويعاقبون بعقوبة المادة (307)، لكن المادة (311) تعفي الراشي والوسيط من العقوبة اذا ابلغوا السلطات القضائية قبل الوصول الى المحكمة، ويعد عذراً مخففاً اذا وقع البلاغ بعد اتصال المحكمة، القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتحقق بتوافر العلم لدى الموظف او المكلف بخدمة عامة، إن ما يقوم به هو إخلال بواجباته الوظيفية، حيث إن القانون لا يعاقب الموظف على مجرد القبول وانما يعاقبه اذا كان ذلك ثمناً للقيام بعمل او الامتناع عنه، المشكلة الحالية التي يعاني منها أي مواطن لديه معاملة ما في اي دائرة من دوائر الدولة، إن (الاكرامية) او (التكلفة) التي يتولى تنسيق امرها من يقفون خارج تلك الدوائر وبالتنسيق مع من بداخلها، أصبحت أمرا واقعا ومن ضمن الاجراءات الاصولية، التي يمكن تسهل أمر المراجعة وتختصر الوقت، والوسائل متعددة للتفاهم بين المرتشي والسمسار او المعقب، الذي يرسل او يضع إشارة متفق عليها مسبقا بين الطرفين، لدرجة أن الرشوة أصبحت ضمن سياق الاجراءات الادارية لبعض المؤسسات الحكومية ، فأية خدمة يراد إنجازها لن تتم سوى بالرشوة او الاسم المنمق (الإكرامية)، هذا الامر بحد ذاته هو تنازل عن حقوق المواطن في الحصول على الخدمات، الرشوة في طريقها الى أن تصبح مبرراً أخلاقياً في أن ما نفعله هو مجرد إكرامية للموظف على جهوده، التي يبذلها في تسخير مؤسسات الدولة وموقعه الوظيفي لخدمة أغراضه الخاصة في الاستثراء على حساب المواطن وقانون لدولة .