لا يحتاجُ الأمرُ الى علي الوردي

آراء 2021/12/20
...

 حمزة مصطفى
 
كلما وجدنا أنفسنا حيال ظواهر أو سلوكية منفرة أوغريبة أو شاذة «طرأت» مثلما نعتقد على مجتمعنا نهرع الى عالم الاجتماع الراحل علي الوردي. 
فنحن لدينا قناعة أن ما قدمه الوردي قبل نحو ستة عقود من الزمن من تفسيرات تتعلق بالشخصية العراقية إنما هي قاطعة 
وباتة. ولأننا حيال ظواهر وسلوكيات جديدة فإننا نحتاج الى تفسير لها. 
وبصرف النظرعما قدمه الراحل الوردي في مجال الدراسات في علم الاجتماع، فإن من يقرأ كتب الوردي يرى انه درس الشخصية العراقية من جانب أحادي تقريبا وهو الجانب السلبي 
فيها. 
ولكل شخصية في الكون جوانب ايجابية وأخرى سلبية، وقد يطغى ماهو سلبي أو متناقض أو مزدوج في عرف الوردي، نتيجة ظروف أو تحولات أو تقاطعات حادة بين البداوة والحضارة. 
لكن هذا في النهاية لا يصلح تقييما نهائيا، بحيث بتنا على قناعة أن كل واحد منا هو عبارة عن شخصين «مايكل جاكسون وملا عبود بالنسبة للرجال وببيركوري وحجية عمشة بالنسبة للنساء». 
إن هذا الاستدعاء الدائم للوردي لا يمكن أن يقرأ من وجهة نظري، الا رغبة دائمة لدينا في جلد الذات بسبب العجز عن مواجهة تلك الظواهر أو التعامل معها بصورة إيجابية.
إن الحاجة الدائمة الى علي الوردي هي ليست بسبب غرابة ما يستجد من ظواهر وحالات بمن فيها ما تعد في عرفنا الاجتماعي شاذة، ومن ثمَّ تحتاج الى تفسير ولو بأثر رجعي، بل لأننا لا نريد الاعتراف أن الزمن يتقدم والمجتمعات تتطور وكل ما يحصل هو إفرازات طبيعية يتوجب علينا مواجهتها ومحاولة فهمها وإستيعابها ولو بأقل الخسائر، لأن الزمن يتحرك والأرض تدور مثلما قال غاليلو عند محاكمته أمام الكنيسة. 
إن أقل ما يمكن قوله على صعيد ماقدمه الوردي من دراسات بمن فيها تلك التي أوغل فيها في تفكيك الشخصية العراقية هو إنه رسم لنا خريطة طريق للفهم والمراجعة بصرف النظر، إن كنا اتفقنا معه أم اختلفنا. 
ماعدا ذلك فإن علينا مواجهة ما يدور من حولنا بجرأة بحيث لا نتطير من مطرب ظهر في حفل جماهيري عاري الصدر وكإن كوكبا خطيرا إقترب من الأرض من تلك الكواكب التي تخوفنا منها وكالة ناسا للفضاء. أو إن اليسا كانت ترتدي درعا أم لا.