بمناسبة يومها العالمي اللغة العربيَّة والقانــون

آراء 2021/12/20
...

  حسين المولى
من الواضح للعيان ما للغة العربية من أهمية في رفد شخصية المتحدث بميزات هائلة أبرزها ثقافة الحديث وانتقاء اللفظ الصحيح وتقويم اللسان، فاللغة العربية هي اللغة المنتقاة، الحاوية بداخلها أعجوبة كامنة، فهي اللغة الرسمية لأكثر من عشرين دولة ويتحدث بها ما يقارب النصف مليار شخص.
 
فأهمية اللغة تبرز من خلال استخدامنا لها بالصورة الصحيحة البعيدة عن الأخطاء التي عصفت بها على مدى أزمنة كثيرة ولكنها مع كُلّ هذا ما زالت صامدة ترفدنا بعبق جمالها ونقاء ألفاظها، فاللغة هي أوعية العلوم كلها، ومن لم يكن واسع اللغة لم يكن واسع العلم، فاللغة العربية والقانون نجد بينهما علاقة وطيدة لا تنفصل، فاستخدام متخصصي القانون للغة يجب أن يكون خاليًا من المنقصاتِ ومُبتذلاتِ الألفاظ، لذلك كان من اللازم على متخصصي القانون سواءً في مرحلة الدراسات الأولية أو مرحلة الدراسات العُليا الاهتمام باللغة للوصول لحقائق المشكلات التي تعرض عليهم وأيضًا لتجنب المزالق الخطيرة التي تحيط بكل قضية؛ وكُلّ هذا نتيجة القصور في الثقافة اَللُّغَوِيَّة، حيث تُعد اللغة مخزن ذخائر متخصصي القانون. 
 فالعلاقة بين القانون واللغة تأخذ صوراً متعددة فقد يتطابق المدلول اَللُّغَوِيّ مع المدلولات الاصطلاحية القانونية، حيث يمكننا أن نسرد بعض الشيء من أحد أحكام لمحكمة النقض المصرية في هذا الشأن. حيث تقول في أحد أحكامها إن المراد بالسب في أصل اللغة هو الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض الدالة عليه، ويمكن أن يكون المصطلح القانوني أوسع مدلولاً من المصطلح اَللُّغَوِيّ، ويعد لفظ الطفل هو أبرز مثلًا لذلك، وكما من اللازم ذكره هو من الممكن أن يكون المصطلح القانوني أضيق مدلولًا عما هو في اللغة والمثال الواضح هنا هو تعبير التزوير. حيث يعد في المصطلح القانوني أضيق تعبيرًا عما موجود في اللغة حيث توسعت اللغة فيه، فالتزوير في مدلوله اَللُّغَوِيّ مشتق من الزور ويعني الكذب أو الباطل. 
 فمن نافلة القول إن أهمية اللغة في المجال القانوني تبرز في كُلّ نصٍّ من نصوص المواد الدستورية والقانونية والأحكام، وهذه الأهمية تتضح أيضًا في المجال التفسيري لهذه النصوص، فصار من اللازم أن يكون المتخصص بهذا المجال مُلِمًّا باللغة واعيًا لمدارك الأمور، فاهمًا لأسرار اللغة، فالحرف من اللغة بإمكانه أن يغير مسار قضية ويحول الحق الذي فيه لباطلٍ، وباطل يحوله لحق، فلا يمكن أن تكون متخصصًا قَانُونِيًّا وأنتَ غير مُلِمٍّ بأغلب محددات اللغة، فلا يمكن أن تكتبَ عريضة دعوى وهي ممتلئة بالأخطاء التي تضعف حُجتك وتقلل من شأنك، فالشخص يعرف بلغته، ولغتنا هي هويةٌ نعتز بها فلنحافظ على مكانتها لتحافظ علينا من الهوان.